السراي الحمراء أو قلعة طرابلس وهي من أهم معالم مدينة طرابلس في ليبيا، وقد سميت بالسرايا الحمراء لان بعض أجزائها كانت تطلى باللون الأحمر.
وتطل على شارعي عمر المختار والفتح.. وهي تقع في الزاوية الشمالية الشرقية من مدينة طرابلس القديمة، وتشرف على مينائها، وبحيرة السراي الحمراء "والتي كانت في السابق بحرا قبل أن يتم ردمه في السبعينيات"، الأمر الذي مكنها قديما من حماية المدينة والدفاع عنها برا وبحرا.
وقد تعرضت القلعة إلى تغييرات واضافات كبيرة في عمارتها، حسب ذوق ومتطلبات كل حكم، وتبلغ مساحتها (1300 م2) وتبلغ أطوال أضلاعها : من الشمال الشرقى (115م) ومن الشمال الغربي (90م) ومن الجنوب الغربي (130م) ومن الجنوب الشرقى (140م) ويبلغ أعلى ارتفاع لها (21م).
بنيت قلعة طرابلس على بقايا مبنى روماني ضخم، ربما كان أحد المعابد أو الحمامات الكبيرة، حيث عثر أسفل الطريق الذي كان يخترق القلعة من الشرق إلى الغرب على بعض الأعمدة والتيجان الرخامية الضخمة التي تعود إلى القرن الأول أو الثاني الميلاديين.
تاريخ القلعة
كانت حصنا كبيرا للدفاع عن مدينة طرابلس في العصر البيزنطي، حيث يروى أن العرب المسلمين عندما زحفوا على طرابلس بقيادة عمرو بن العاص في سنة 21هـ الموافق 642م وجدوا المدينة محاطة بسور قوي، ولم يتمكنوا من دخول المدينة إلا بعد حصار دام شهرا من الزمان، وقد اهتم الحكام العرب بالقلعة، حيث يلاحظ في الجانب الشرقي منها بقايا بعض الأبراج المرتفعة تشبه تلك الأبراج التي كانت معروفة قبل اكتشاف البارود، وكذلك وجود بعض الجدران التي بناها العرب قبل دخول الإسبان إلى طرابلس في 25 يوليو 1510م.
وعندما احتل الإسبان مدينة طرابلس اهتموا اهتماما خاصا بالأسوار والقلاع الدفاعية وخاصة قلعة طرابلس، ويبدوا أن معظم البناء الخارجي الحالى للقلعة يعود إلى فترة الحكم الأسباني وفترة فرسان القديس يوحنا الذين سلمهم الإسبان المدينة عند خروجهم منها سنة 1530م، وقد بنى الإسبان بالقلعة برجين :
البرج الجنوبى الغربي والبرج الجنوبى الشرقى والذي يعرف باسم (حصن سان جورج)، وكان بينهما فتحات لوضع المدافع حسب الأساليب المتبعة في القرن السادس عشر الميلادى، وقد اضاف فرسان القديس يوحنا برجا آخر بالقلعة في الزاوية الشمالية الشرقية، يعرف باسم (برج سانتا باربرا)، وكان يبدوا واضحا من الخرائط التي تعود للقرن السابع عشر، أن السراي كانت محاطة بقناة مائية من جميع الجهات، وكان مدخلها يقع عند الجدار الجنوبي. أما اسم الحمراء الذي اكتسبته فكان نتيجة لأن اللإسبان طلوا جدرانها الخارجية باللون الأحمر.
السرايا تحت حكم الاتراك
استولى الأتراك على القلعة سنة 1551م، فقاموا بعدة اضافات بها، وحول (مراد آغا) الكنيسة التي كانت داخل القلعة إلى مسجد، واتخذ الولاة الأتراك القلعة مقرا لهم ولأسرهم، وعندما استقل أحمد باشا القره مانلي بحكم البلاد في سنة 1711م بذل هو وأسرته اهتماما خاصا بالحصون الدفاعية، وتضم القلعة في العهد القره مانلي بناءا خاصا لحاكم طرابلس به قاعة فسيحة يستقبل فيها الوفود وقناصل الدول الأجنبية، وكانت بالقلعة أيضا دار لسك العملة، وديوان القضاء، وصيدلية حكومية، وبعض المخازن والسجون والمطاحن.
الاحتلال الايطالي
عندما استولت إيطاليا على طرابلس سنة 1911م، اتخذت السراي مقرا للحاكم العام، كما استعملت بعض أجزائها كمتاحف، وقد حدث في هذه الفترة تغييرات كثيرة داخل السراي، من أهمها ازالة بعض المباني الخارجية التي كانت ملاصقة لها، وشق الطريق الذي يؤدى إلى ميناء طرابلس، والأقواس الواقعة بالجانب الشمالى من سور القلعة، وفي عام 1919 تحولت القلعة إلى متحف للمرة الأولى في تاريخها.في البداية اكتفوا ببناء قديم يقع إلى جوار القلعة من ناحية الجنوب، والذي كان يستخدم خلال العهد العثماني الثاني كمركز للشرطة، وحوله الإيطاليون فور نزولهم إلى طرابلس إلى مخزن للذخيرة. فيما بعد تم تعديل المخزن الذي يصل طوله إلى 30 مترا، وحوالي عشرة أمتار عرضا، والمقام على ستة أعمدة ليكون أول متحف في تاريخ ليبيا.في مطلع عشرينات القرن العشرين أزيلت كل ملحقات القلعة بما في ذلك المخزن المذكور، وتحولت كل القلعة إلى متحف افتتح عام 1930 على يد الحاكم الإيطالي العام بالبو، الذي سرعان ما بهرته القلعة فنقل إليها مكتبه، ليتولى تصريف شؤون البلد من جزء صغير في القلعة. وبناء "المتحف الكلاسيكي" السابق الذي حل مكانه الآن متحف الساري الحمراء، كما تم وضع بعض النافورات القديمة بساحات القلعة التي يرجع تاريخها إلى القرنين السادس عشر والسابع عشر الميلاديين، والتي تم احضارها من منازل المدينة القديمة.
سيطرة البريطانيين
بعد سيطرة البريطانيين على البلد خلال الحرب العالمية الثانية سعوا عن طريق اليونسكو إلى إنقاذ التحف الأثرية التي لا تقدر بقيمة، وفي عام 1948 تحولت كل القلعة إلى مجمع المتحف الليبي، لتشمل متحف ما قبل التاريخ، متحف القبائل الليبية القديمة، متحف التراث الليبي في العصر البونيقي، العصر اليوناني، العصر الروماني، العصر البيزنطي، متحف التاريخ الطبيعي، ومن سنة 1952م أعدت السراي لتكون مقرا لإدارة الآثار ومتاحفها.
مكتبات السرايا الحمراء:
تتكون مكتبات السرايا الحمراء من مجموع ثلاث مقّار داخل القلعة لحفظ الوثائق والكتب والدوريات في المراحل التاريخية الهامة، وهي:
دار المحفوظات التاريخية.
مكتبة الآثار العامة.
مكتبة المحفوظات التاريخية.
عندما جاء الإيطاليون عام1911م، بدأوا في إتلاف وثائق السرايا الحمراء حتى وصول المستشرق الإيطالي "أوفيير قرقيتي" الذي أوقف هذه المجزرة، ويشير المؤرخ الأستاذ علي الصادق حسنين إلى إيطالي ذا رتبة عسكرية عالية، على قدرٍ عظيم من الثقافة اسمه "توماسو سالسة" الذي أعاد تنظيم إدارة الوثائق والمحفوظات التاريخية قبل وفاته في روما بتاريخ 21/9/1913م.
عام 1928ف، صدر قرار بإنشاء دار الوثائق التي تُعّرف بأنها المطبوعات، وغيرها من الأوراق التي مضت عليها خمسون سنة ميلادية، لكن هذه الدار ظلت مخزناً للوثائق فحسب، كما تأسست مكتبة أثرية متخصصة في التاريخ والحضارة باللغة الإيطالية، اهتمت بالآثار الرومانية وتاريخها في طرابلس، وأخرى في شحّات عام 1914م، خاصة بالصور والشرائح لأعمال التنقيب عن الحضارة الرومانية، كجزء من الخطة الاستعمارية التي بررت للإيطاليون حقهم التاريخي في الاحتلال، فمع تزامن نقل المكتبة الحكومية من السرايا إلى مقرّها الجديد في عهد الإدارة البريطانية، تكونت مكتبة من (ناتج المكتبة الفاشية "دانتي اليجيري Dante Alighieri" الكائنة في مقّر الاتحاد الفاشيستي التابع لرئاسة جيش المستعمرة، يتولى إدارتها "طباليني أوجو TABALINI UGO" حتى أواخر العام 1933م، وهي ذات صبغة عسكرية، تحتوي مجموعاتها على 2510 مجلد إلى جانب النشرات العلمية والثقافية والمجلات الإيطالية والأجنبية، يطالعها أعضاء النادي، كما ضمت إليها لاحقاً مكتبة كنيسة ميدان الجزائر والمكتبة الأثريـة الإيطالية (الكونتيسة ابنة فولبي) التي تحول قصرها إلى (المتحف الإسلامي) في منتصف السبعينيات.
متحف السرايا الحمراء
متحف السراي الحمراء أو مجمع متاحف السراي الحمراء سابقاً في قلعة طرابلس بمدينة طرابلس العاصمة الليبية أقدم وأكبر المتاحف الليبية وهو مقسم عمليا إلى أربعة مستويات "متاحف" تعرض تراث وتاريخ ليبيا عبر فترات زمنية مختلفة تضم حضارات القبائل الليبية والإغريق والفينيقيين والرومان والبيزنطيين والعصور العربية.التاريخفي العام 1919 قام الإيطاليون الذين غزوا ليبيا العام 1911 بتحويل بناء بجوار القلعة التي كانت مقرا للحكم في السابق ولأول مرة إلى أول متحف في تاريخ ليبيا الحديث، وهو بناء كان مخزنا للذخيرة. وفي عقد 1920 العشرينيات تم إزالة البناء وكافة ملحقات القلعة، حيث تحولت بأكملها العام 1930م إلى متحف تحت اسم "المتحف الكلاسيكي" إبان فترة حكم إيتالو بالبو. وفي العام 1948 تحولت القلعة بأكملها إلى "المتحف الليبي".
يعرض المتحف مجموعة من الآثار الليبية والتي تعود إلى عصور وحقب مختلفة بينها ليبية قديمة وإغريقية ورومانية، إضافة لمجموعة من التماثيل واللوحات الفسيفسائية التي عثر عليها في مناطق مختلفة من ليبيا.
بدأ إنشاء مجمع المتاحف بالسراي الحمراء والذي تقدر مساحته بعشرة آلاف متر مربع العام 1982 داخل أسوار قلعة طرابلس، وقد تم تنفيذه تحت إشراف منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم "اليونيسكو" لمراعاة المباني القديمة للقلعة
متاحف المجمع
متحف التاريخ الطبيعي، ويعرض نماذج من متحجرات حيوانية ونباتية وصخور مختلفة التكوين ومجموعة من الحيوانات المحنطة وأقسام للأحياء البرية وللحشرات والطيور. إضافة لمتحف القبائل الليبية القديمة ومتحف التراث الليبي عبر العصور ومتحف ما قبل التاريخ.
_____________________________________________________________
المراجع
-
السرايا الحمراء قلب طرابس عبر العصور
-
السراي الحمراء .. محطة رئيسية لإبداعات الإنسان