يطرح رحيل رئيس الحكومة المؤقتة علي زيدان العديد من التساؤلات المشروعة في الشارع الليبي الذي ظل منقسما طيلة الـ 15 شهرا الماضية منذ تولي زيدان منصبه بين مؤيد ومعارض
وتمحورت هذه التساؤلات حول ما إذا كان هذا الرحيل إطاحة أم إقالة أم أن الرجل ذهب كبش فداء لتلقى عليه مسؤولية الأزمة السياسية المتأزمة في ليبيا بالكامل .
وأكد محرر الشؤون السياسية بوكالة الأنباء الليبية أن رحيل علي زيدان كان متوقعا ومفاجئا في نفس الوقت، متوقعا نظرا لتراكمات فشل الحكومة المؤقتة في إحراز أي تقدم في الملفات الساخنة ، وهي ملفات موروثة من حكومة عبد الرحيم الكيب ، الحكومة الانتقالية الأولى، ومفاجئا في التوقيت إذ جاء بعد اقل من أسبوع من مؤتمر روما لدعم ليبيا وعلى خلفية قضية ناقلة النفط الكورية الشمالية التي دخلت عنوة المياه الإقليمية الليبية وحملت شحنة من الخام الليبي من ميناء السدرة(أحد ثلاث مرافئ نفطية في شرق البلاد تسيطر عليها جماعات مسلحة تابعة لما يسمى إقليم برقة وتطالب بحصة أكبر من عائدات النفط وبنظام فدرالي) ومن ثم تمكنها من الفرار من مراقبة زوارق للبحرية الليبية في ظروف غامضة ولأسباب غامضة حتى الآن.
في حين لم يرد حتى الآن عن اتهامات زيدان العلنية لرئيس الأركان برفض تنفيذ الأوامر بالتصدي لناقلة النفط
المتسلسلة ويرى المحرر أن فشل الحكومة المؤقتة في ملفات الأمن واستقرار البلاد وتجميع السلاح وتحقيق المصالحة الوطنية وحل أزمة السطو على المرافئ النفطية ، هي في الواقع ملفات من الوزن الثقيل وكل ملف منها كفيل لوحده أن يسقط أكثر من حكومة ولا يوجد أي ليبي يصدق اليوم أن حكومة تصريف أعمال أو حكومة أزمة تستطيع أن تحل هذه التراكمات في بضعة أسابيع أو حتى بضعة شهور ومن هنا يأتي السؤال الأبرز هل يمتلك المؤتمر العصا السحرية التي غابت عن الحكومة المؤقتة لحل الأزمة الليبية؟ وشدد المحرر على أن الحديث عن أية برامج لبناء الدولة الحديثة في ليبيا ، دولة القانون والمؤسسات والعدل والتداول السلمي على السلطة التي ثار من أجلها الليبيون ،وتحقيق التنمية والتقدم ، أمر مستحيل في ظل الانتشار الواسع للسلاح ناهيك عن التجاذبات السياسية في بلد تم تغييب شعبها عن أي حراك ديمقراطي طيلة نصف قرن ، ولم يعرف أكثر من 65 في المائة من شعبها (أعمارهم من 16 إلى 30 عاما) والذين يشكلون اليوم القوة الفاعلة على الأرض باستحواذهم على السلاح ، أي تجربة ديمقراطية على الإطلاق. ويعتقد المحرر أن المؤتمر الوطني العام لا يمكن أن يكون بعيدا أو بريئا من فشل الحكومة المؤقتة في هذه الملفات الساخنة وغيرها ، حيث برزت الفجوة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية ، منذ الأسابيع الأولى لتشكيل حكومة زيدان الذي لم يترك مناسبة إلا وكال فيها الاتهامات للمؤتمر الوطني العام ولخصومه السياسيين وتحديدا في حزب العدالة والبناء لمحاولة الإطاحة به. وفي سياق متصل أعرب المحرر عن استغرابه من تصويت المؤتمر الوطني العام
في نفس اليوم على مشروع لجنة فبراير التي كلفها بإعداد مقترح تعديل الإعلان الدستوري وتبنيه لمجمل المقترح عدا ما يتعلق بانتخاب رئيس الدولة مؤكدا أن المؤتمر أو بعض أعضائه ربما عملوا على استنساخ مؤتمر وطني عام جديد من خلال هذا التصويت على مشروع لجنة فبراير وتمريره باستثناء انتخاب الرئيس عن طريق الاقتراع الحر المباشر من الشعب.
وأشار المحرر إلى أن هذا التوجه قد يكون مخططا له بعناية لمنع الليبيين من انتخاب رئيسهم بعد ثلاث سنوات على الإطاحة بنظام القذافي وجعلهم يدورون في فلك التجاذبات السياسية على حساب أمنهم واستقرار بلادهم .