يواجه قطاع الثروة البحرية في ليبيا مخاطر جمة أبرزها عمليات الصيد الجائر دون مراقبة في غياب مؤسسات الدولة والفوضى الأمنية التي انزلقت إليها بلادنا منذ عام 2011 ومكنت من توسيع استخدام المتفجرات محلية الصنع المعروفة محليا بـ (الجلاطينة) على نطاق واسع وتهريب الأسماك إلى الخارج بسبب تدهور سعر صرف الدينار الليبي.
لم تكن ثقافة استهلاك السمك في بلادنا التي تتمتع بأطول شاطئ على حوض البحر المتوسط (حوالي 2000 كلم) رائجة ولم يشكل السمك أحد مكونات الطبق الشعبي الليبي حيث اقتصر استهلاك المنتجات البحرية على بعض سكان المدينة القديمة في طرابلس وسكان مدينة زوارة الساحلية القريبة من الحدود الليبية التونسية، الذين تعايشوا مع اليهود، إذ أن غالبية الشعب الليبي تعود إلى أصول بدوية تفضل استهلاك اللحم في عاداتها وتقاليدها.
وتساءل الكثير من المؤرخين والخبراء في عدة دراسات كيف يُمكن أن تضرب المجاعة الشعب الليبي، في نهاية القرن التاسع عشر وخلال الحربين العالميتين الأولى والثانية وحتى ستينيات القرن الماضي قبل ظهور النفط، وتُضطر الليبيين على الهجرة، رغم أن الله حبا بلادنا بساحل، هو الأطول على حوض المتوسط، غني بالثروة السمكية.
غير أن ثقافة استهلاك السمك في المجتمع الليبي بدأت تترسخ إلى حد ما في ثمانينيات القرن الماضي مع توسع استقدام الأجانب لتنفيذ مشاريع التنمية، ثم توسعت في تسعينيات القرن الماضي مع انتشار القنوات الفضائية وتعمقت بعد توسع استخدام شبكات التواصل الاجتماعي، ما أدى إلى زيادة الطلب وارتفاع الأسعار دون أن يُصاحب ذلك تطور في البنى التحتية للصيد البحري وتأهيل الكوادر المتخصصة وتشجيع الاستثمار في هذا القطاع الحيوي الذي يُمكن له أن يُوفر آلاف مواطن الشغل ويُقلل من الاعتماد على دخل النفط، الثروة غير المتجددة.
وقال مدير مكتب الحماية والتفتيش البحري بوزارة الثروة البحرية حمزة الحامدي إن تأثيرات الصيد الجائر والصيد بـ (الجلاطينة) له عواقب وخيمة منها تصحر البيئة البحرية ومنعها من التكاثر والنمو طبيعيا.