مازال الكون يحتفظ بكثير من أسراره، ومازال الإنسان يواصل البحث من أجل اكتشاف هذه الأسرار، وقصتنا هذه عن المادة المضادة.
وتوصَّل باحثون إلى إجراء قياس مباشر هو الأكثر دقة للمادة المضادة الغامضة، التي تثير حيرة العلماء وتساؤلات حول سبب اختفائها من الكون بعد تشكله، حسب «فرانس برس»، الخميس.
فحين بدأ الكون مع الانفجار الكبير قبل 14 مليار سنة، كان حجما المادة والمادة المضادة في الوجود متساويًّا، ثم اختفت المادة المضادة بشكل شبه تام.
والمادة المضادة تتكون من جزيئات ذات خاصيات معاكسة للمادة العادية (شحنات موجبة بدل السالبة والعكس)، بحيث يؤدي لقاؤهما إلى انعدامهما تمامًا.
ويلف غموضٌ كبيرٌ هذه المادة المضادة، وهي واحدٌ من الألغاز الكبيرة التي يحار فيها العلماء.
لكن الباحثين في الدراسة المنشورة في مجلة «نيتشر» البريطانية، تمكنوا من كشف بعض الأسرار التي يمكن أن تشكِّل خطوة في فهم اللغز.
وإذا كان التقاء المادة بالمادة المضادة يحيل وجودهما إلى عدم، فإن ذلك يعني أنَّ الكون كان يجب أن يزول بعد نشوئه، لأنَّ المادة والمادة المضادة كانتا متساويتين.
إلا أن ما جرى كان أن المادة المضادة زالت وبقيت المادة العادية، فصار الكون على ما هو عليه.
ويحاول العلماء منذ عقود فهم الفرق الذي جعل الأولى تختفي والثانية تبقى، لكنهم كانوا يواجهون صعوبة كبيرة في دراسة المادة المضادة لأنَّه من الصعب الإمساك بجزيئات منها لدراستها.
أما فريق الباحثين في الدراسة الجديدة، فقد توصل إلى تصميم ذرات من المادة المضادة للهيدروجين ثم عكف اعتبارًا من العام 2016 على دراسة خاصياتها تحت الأشعة فوق البنفسجية.
ودرسوا تفاعل 15 ألفًا من هذه الذرات بدقة عالية لم يسبق لها مثيل، وقارنوا خاصياتها بخاصيات مادة الهيدروجين العادية.
وقال الباحث جيفري هانغست: «حتى الآن، تبدو المادة والمادة المضادة متشابهتين»، لكن عدم التوصُّل إلى تحديد الفرق لا يُحبط العلماء، فمجرد تحديد خاصيات المادة المضادة بهذه الدقة «هو فاتحة عهد جديد» وربما المفتاح لفهم الفرق بين المادتين الذي يترقبه العلماء منذ عقود.