قالت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي الأربعاء إن بريطانيا بدأت رسميا إجراءات الخروج من الاتحاد الأوروبي. وتأتي هذه الخطوة بعد تسعة أشهر من التصويت لصالح هذه العملية التي تستمر عامين من المفاوضات الصعبة قبل الانفصال التام، المتوقع في ربيع عام 2019. وقالت ماي للبرلمان البريطاني إن “عملية المادة 50 جارية، وستترك المملكة المتحدة الاتحاد الأوروبي تماشيا مع رغبة الشعب البريطاني”، ووصفت ذلك بأنها لحظة تاريخية لا رجعة عنها، مشيرة إلى أن بريطانيا ستسعى للاتفاق على شراكتها في المستقبل مع التكتل. وأضافت ماي “علينا أن نعمل سويا من أجل الحد من الارتباك وبث أكبر قدر ممكن من الطمأنينة”، معبرة عن رغبتها في إبرام اتفاقية طموحة للتجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي. وتابعت “إذا غادرنا الاتحاد الأوروبي دون التوصل إلى اتفاقية، فإن الوضع الأمثل هو اعتماد شروط منظمة التجارة العالمية”. وعبرت ماي عن رغبتها في إتمام عملية الخروج والمفاوضات بشأن العلاقات التجارية مع الاتحاد الأوروبي في غضون عامين، غير أن الزعماء الأوروبيين اعتبروا أن هذا الأمر سيكون صعبا. وأكدت أنها تعرف أن إطلاق عملية الخروج من الاتحاد الأوروبي سيكون يوما حافلا بالاحتفالات للبعض وخيبة الأمل للبعض الآخر، وقالت “الآن بعد اتخاذ قرار المغادرة وبدء العملية حان الوقت للم شملنا”. وتلقى رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك رسالة من السفير البريطاني لدى الاتحاد تيم بارو اليوم الأربعاء، وهي رسالة إخطار جرى تسليمها لمكتبه في بروكسل لتفعيل عملية العد التنازلي لخروج بريطانيا من التكتل بمقتضى المادة 50 من معاهدة لشبونة التابعة للاتحاد. وفي غضون 48 ساعة، سيرسل توسك مسودة الخطوط العريضة للمفاوضات إلى أعضاء الاتحاد الآخرين البالغ عددهم 27 دولة، ويلي ذلك اجتماع لسفراء هذه الدول في بروكسل لمناقشة المسودة. وقال توسك إن الاتحاد الأوروبي سيسعى إلى تخفيض كلفة هذه العملية على المواطنين والشركات الأوروبيين، مشددا على رغبة بروكسل في التوصل إلى انسحاب منظم لبريطانيا، وتوجه إلى بارو بالقول “نفتقدكم بالفعل، شكرا ووداعا”. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية مارتن شيفر “الإطار الزمني ضيق للغاية”. مهمة صعبة وفي هذه المرحلة تواجه ماي مهمة أصعب من أي سلف لها في التاريخ المعاصر، وتتمثل في الحفاظ على وحدة البلاد في وجه تجدد مطالب الأسكتلنديين بالاستقلال، وإدارة محادثات شاقة مع 27 دولة أوروبية في الشؤون المالية والتجارية والأمنية وغيرها من القضايا المعقدة. وترسم نتيجة المفاوضات مستقبل الاقتصاد البريطاني أكبر خامس اقتصاد في العالم ويبلغ حجمه 2.6 تريليون دولار، وستقرر إذا كانت لندن ستحتفظ بمكانتها بوصفها أحد أكبر مركزين ماليين في العالم. أما بالنسبة للاتحاد الأوروبي -الذي ينوء تحت ثقل الأزمات المتتالية جراء الديون واللاجئين- يشكل خروج بريطانيا أكبر ضربة له خلال ستين عاما من جهود إقامة وحدة أوروبية بعد حربين عالميتين مدمرتين. يذكر أن بريطانيا صوتت على الخروج من الاتحاد الأوروبي في يونيو/حزيران الماضي بعد حملات تسببت في انقسام البلاد، وصوتت أسكتلندا وأيرلندا الشمالية بالإجماع لصالح البقاء في الاتحاد، في حين صوتت إنجلترا وويلز لصالح الخروج.