واصلت واشنطن وموسكو الانتقادات المتبادلة بشأن الأزمة السورية، واشترطت الولايات المتحدة التزام روسيا بالهدنة لاستئناف التعاون الذي علقته أمس، لكنها قالت إنها لن “تتخلى” عن الشعب السوري. وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية مارك تونر إن واشنطن لا تغلق الباب بشكل نهائي أمام الحوار والنقاش مع روسيا. ولكن المسؤول الأميركي شدد -خلال مقابلة أجرتها معه الجزيرة من مقر الخارجية الأميركية- على ضرورة توقف روسيا عن قصف الأهداف المدنية من أجل العودة للمباحثات والاتفاقيات السابقة، مضيفا أن واشنطن تناقش خيارات اقتصادية واستخباراتية وعسكرية ودبلوماسية بشأن سوريا. من جانبه انتقد وزير الخارجية الأميركي جون كيري روسيا لما سماه قرارها الطائش وغير المسؤول بدعم الرئيس السوري بشار الأسد. واتهم روسيا والنظام السوري بأنهما “رفضا الدبلوماسية من أجل مواصلة انتصار عسكري يمر بجثث مقطعة ومستشفيات تتعرض للقصف وأطفال مروعين في أرض معاناة”. ولكن الوزير الأميركي أكد أن جهود إنهاء الحرب في سوريا يجب أن تستمر، وأن بلاده ستواصل المباحثات مع روسيا بشأن سوريا، رغم القرار الأميركي الاثنين بتعليق المحادثات معها. وقال كيري -في خطاب حول العلاقات بين ضفتي الأطلسي في بروكسل- “أريد أن أكون واضحا جدا للجميع: لن نتخلى عن الشعب السوري، ولن نتخلى عن مساعي السلام، كما أننا لا ننسحب من ميدان العمل المتعدد الأطراف”. انتقادات روسية في المقابل، قال المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية إيغور كوناشينكوف إن الولايات المتحدة فشلت فشلا ذريعا في تنفيذ اتفاق التاسع من سبتمبر/أيلول الخاص بوقف إطلاق النار، ولم تتمكن من فصل أي من مجموعات “المعارضة المعتدلة” عن فتح الشام (جبهة النصرة سابقا)، وسمحت “للإرهابيين” بإعادة تنظيم صفوفها والتسلّح. أما المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا فقالت إن قدرة واشنطن على استخدام الدبلوماسية ضَمُرت. وكانت الخارجية الروسية قالت إن موسكو تشكل لديها انطباع يتزايد، بأن الولايات المتحدة مستعدة للتحالف مع من وصفتهم بالإرهابيين، وبأن واشنطن مستعدة لعقد “صفقة مع الشيطان” من أجل تغيير النظام في سوريا، وفق تعبيرها. ووصفت الخارجية الروسية -في بيان- تخلي واشنطن عن التعاون مع روسيا في سوريا، بأنه يدل إما على عدم الرغبة أو عدم القدرة لدى الإدارة الأميركية على تطبيق الشروط الأساسية للتعاون مع موسكو لحل الأزمة السورية. من جانبه، قال وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف إن بلاده ستواصل جهودها لحل الصراع السوري رغم قرار الولايات المتحدة تعليق التعاون بشأن وقف إطلاق النار. وأضاف لافروف أن لدى كثيرين في الولايات المتحدة رغبة في إفشال الاتفاق مع روسيا بشأن سوريا، متهما الولايات المتحدة بـ”عدم الوفاء بالتزاماتها المتعلقة بالإبقاء على طريق الكاستيلو في حلب مفتوحا لإيصال المساعدات، فضلا عن الفصل بين المعارضة المعتدلة والمجموعات الإرهابية”. وفي ظل هذه التجاذبات الأميركية الروسية، أكدت الخارجية الألمانية عقد اجتماع غدا في برلين بمشاركة مسؤولين من خمس دول -هي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا وألمانيا- لبحث الأوضاع في سوريا.