أنهت روزيتا مهمتها وتحطمت على صخور تشوري العتيقة، وسط تصفيق حاد من الجمهور، الذين تابعوا الحدث عن كثب.. هذا ليس سطرًا من رواية أو عمل أدبي، بل حقيقة علمية، إذ تحطمت المركبة الفضائية الأوروبية «روزيتا» على سطح المذنب «تشوري»، الجمعة.
ولدى إعلان سيلفان ليديو مسؤول العمليات في مركز التحكم الفضائي في ألمانيا انتهاء المهمة علا التصفيق في القاعة، تحية للعلماء الذين واكبوا رحلة المركبة 12 عامًا في الفضاء، حسب وكالة الأنباء الفرنسية.
وقال باتريك مارتن المسؤول عن المهمة: «قضي الأمر، أستطيع أن أؤكد نجاح هبوط روزيتا، لقد انتهت عملياتها... لوداع روزيتا، لقد قمت بعملك بشكل جيد». وتلقى مركز التحكم الاشارات التي تؤكد هبوط «روزيتا» قرابة الساعة 11,19 ت غ.
في العام 1993، أقرت وكالة الفضاء الأوروبية هذه المهمة التي تقضي بتعقب المذنب «تشوري» واستكشافه وإنزال روبوت على سطحه، ونجحت فعلًا بجمع كم من المعلومات سيعكف العلماء على دراسته «على مدى عقود»، بحسب الوكالة.
وفي 12 نوفمبر 2014 انفصل عنها الروبوت «فيلاي» وهبط على سطح المذنب.
وأطلقت هذه المهمة بهدف التعمق في فهم كيفية تشكل المجموعة الشمسية قبل أربعة مليارات و500 مليون عام، إذ إن المذنبات ما زالت تحتوي على عناصر تعود إلى ذلك الماضي السحيق من عمر الكون.
بلغت تكاليف هذه المهمة التي أطلقت من الأرض العام 2004، مليارًا و400 مليون يورو، وقطعت سبعة مليارات و900 مليون كيلو متر في الفضاء. وواصلت المركبة عملها إلى اللحظات الأخيرة قبل ارتطامها بسطح المذنب، ملتقطة صورًا عن كثب. وإذا كان الاتصال انقطع مع المركبة إلى الأبد، إلا أن الأبحاث العلمية حول المعلومات والصور التي جمعتها ستتواصل.
و«روزيتا» ليست مصممة للهبوط كما هو الحال مثلا مع الروبوت «فيلاي»، لكن المهندسين بذلوا جهدهم ليكون هبوطها هادئًا. وهي برمجت لتنطفئ كل أجهزتها ما أن تصبح على سطح «تشوري».
ويقع المذنب الآن على بعد نحو 720 مليون كيلومتر من الأرض. هبطت المركبة في منطقة تضم فوهات أشبه بالآبار، تنبعث منها أحيانٍا الغازات والغبار.
وقال جان بيار بيبرينغ المسؤول العلمي عن الروبوت «فيلاي» في مركز التحكم: «نأمل ان تظهر لنا صور هذه الابار ما يعود الى الزمن الذي تشكل فيه المذنب وما يعطينا مؤشرات على بدايات المجموعة الشمسية»، وكالة الأنباء الفرنسية.
وتحظى المذنبات باهتمام واسع في صفوف العلماء لاحتمال أن تكون أدت دورًا أساسيًا في ظهور الحياة على الأرض، ولاسيما من خلال المواد العضوية التي لقحت بها الأرض حين كانت ترتطم بسطحها.
والمذنبات أجرام فضائية تتكون من نواة من الصخور والغاز والغبار، يحيط بها غلاف جليدي، ومع اقترابها من الشمس يذوب الجليد فتنبعث الغازات والغبار مشكلة ما يشبه الذنب، ولذا يطلق عليها اسم المذنبات.