المجتمع و طريقة تربية الوالدين لأطفالهم و معاملتهم لهم هما من الأسباب التي لا تساعد على استعمال كلمة "لا", المدرسة أيضا لا تسعى إلى تطوير التّفكير النّقدي للأطفال إذ تعلّمهم أن يكونوا مطابقين للمعايير، أن يقولوا "نعم".
إضافة إلى ذلك، خوفنا من أن نجرح مشاعر الآخرين يمنعنا أيضا من قول "لا" لأنّنا لا نريد أن نغضبهم و لا نتحمّل نقدهم لنا و نخاف تخلّيهم عنّا. إنّ الخوف من أن نخسر حبّ النّاس لنا هو ما يفقدنا توازننا.
أخيرا، وراء قول "نعم" هناك دائما إحساس بالقوّة إذ ينتابنا شعور بأنّنا قادرون على حلّ مشاكل الجميع في أيّ لحظة و هذه الفكرة تعطينا صورة إيجابيّة عن أنفسنا.
تعلم كيف تقول "لا" عندما يحتاج الأمر لذلك
هل تجد من الصعب أن تقول لا؟
هل تجد نفسك غالبا توافق على أشياء ثم تسأل نفسك لماذا فعلت ذلك؟
هل تعرف أنك تريد أن تقول لا، ولكن لاتتمكن من إخراجها من فمك أو البوح بها؟
إذا كنت تعاني من هذه الحالة، فأنت لست الوحيد فهناك الكثير من الناس الذين يجدون من الصعب عليهم أن يقولوا لا، وآخرين تربوا على أن قول نعم يعني أنك إنسان مرن معطاء بينما قول لا يظهرك مثل إنسان مستهتر غير مهتم وبارد المشاعر.
ومثل أشياء كثيرة في الحياة، يتطلب الأمر بعض التوازن، وتنشأ المشكلة عندما لانعرف كيف نقول لا على الإطلاق، عندما يختار صديقك دائما مكان الخروج وتقول نعم، عندما تختار والدتك الرداء الذي سترتديه رغم أنه لايعجبك وتقول نعم حتى لاتغضبها، غيرها وغيرها من المواقف المتكررة.
اعلم أن قول لا يصبح أمرا سهل التحقيق بالممارسة ومساعدة أنفسنا على استعادة الوقت والطاقة فضلا عن احترام الذات، وهنا بعض الخطوات التي ستجعلك إنسان قادر على التعبير عن رأيه بصراحة حتى لو كان بلا.
اتخذ بعض الخطوات البسيطة
إذا كنت شخص وظيفته إسعاد الناس ومن الصعب عليك أن تقول لا ومجرد التفكير بهذه الكلمة قد يسبب لك مشكلة كبيرة أو صدام، ورغم ذلك قررت أنها شيء هام ويجب أن تقول لا مع الانتباه لما يلي:
- كن على بينة ووعي لما تقول وهذه خطوة عظيمة.
- انتبه عندما تميل إلى قول نعم حتى لو لم تريد ذلك.
- اعلم أن وجود بعض الناس أو المواقف هو ما يصعب عليك قول لا.
- ابدأ بخطوة صغيرة وقل لا على شيء واحد قد سبق وقلت عليه نعم.
- قد يستغرق الأمر بعض الوقت للتتكون لديك القدرة على قول لا فيجب تسجيل كل مرة تقولها بها وتفعل ماتريده حقا وما تحتاجه بالفعل.
أصنع رد فعل منعكس لصالح لا ,"نعم" أعتدت أن تكون رد فعلي الطبيعي على أي طلب، وهذا هو السبب الذي يوقع معظمنا في المشاكل، فقبل أن نعرف الطلب لانمح أنفسنا ولو دقيقة إنما نسحبها في هذا الطريق حتى نسينا كيف يمكننا قول لا.
وكأنك أصبحت إنسان مكفوف يذهب حيث يأخذه الآخرون ولا يملك القدرة على رؤية ما يقوله عقله حيث تقول لنفسك "سوف أقول نعم مهما كان الطلب".
عند بناء جانب ثقتك بنفسك بقول لا، يستحق الأمر أن تجعل كلمة لا هي رد الفعل الأساسي لديك، فيمكنك دائما تغيير رأيك فيما بعد إذا قررت حقا الرغبة في فعل شيء ما لكن من المهم حماية حدودك وإخراج نفسك من دائرة الشخص حبيس كلمة "نعم".
فغالبا تصبح المطالب الصغيرة عادة هي ما ينتهي بكونها أمور أكبر مما تتوقع، أو التزامات قد وضعت على عاتقك، فكن محدد للمطالب التي تتناسب مع مالديك من وقت وما تملك من طاقة.
فعندما ترغب حقا في عمل شيء ما أو تشعر بأن كلمة "نعم" هي رد الفعل الصحيح ستعرف ذلك تلقائيا، وعندما تبدأ في استعادة بعض من الوقت والطاقة التي ضاعت على الآخرين حينها سوف تقدر أهمية التعود على وضع حدود جيدة وتمييز ما يمكنك الالتزام به.
تخلص من الشعور بالذنب
هناك الكثير من الشعور بالذنب والضغوط المحيطة بمسألة قول "لا" ويرجع ذلك غالبا إلى رسائل تلقاها الشخص في مرحلة الطفولة، فقد علمونا أن "نعم" هي تعبير عن التعاون والاهتمام بالآخرين، ولكن الحقيقة أن استخدام هذه الكلمة في كل شيء أوأي موقف يجعلنا مثل السجادة أو الإمعة أي إنسان بلا شخصية.
من المهم جدا أن تتخلص من هذا الشعور بالذنب وتذكر نفسك أن قول "لا" هو أداة فعالة يمكنك استخدامها في إدارة إحساسك الخاص وهذا أمر صحي يمنحك شعور جيد، فمثلا عندما نكون على متن طائرة واحدة نأخذ تعليمات بوضع قناع الأكسجين.
في حالة الطواريء أولا وقبل أن نحاول أو نساعد أي شخص آخر، وهذا تشبيه جيد للحياة فنحن بحاجة إلى معرفة كيف نرعى أنفسنا وتلبية احتياجاتنا الخاصة لتكون لدينا قدرة على مساعدة الآخرين.
رفع مستوى احترامك لذاتك
أعلم أن كونك شخص موافق على طول الخط يرتبط في كثير من الأحيان بتدني مستوى احترامك لذاتك، فنحن عادة نستمر في قول "نعم" لعدة أسباب وهي:
- نرغب في اكتساب حب الآخرين لنا.
- عدم الرغبة في إغضاب الآخرين.
- حتى يعتقد الجميع أننا أناس طيبين.
لكن ما الثمن الذي ندفعه في المقابل؟ انتبه فقيمتك لاتقاس بمدى ما تفعله للغير ومن المهم أن تكون قادرا على فصل ما تفعل للناس عن شخصيتك ومن تكون لأننا عندما نتحول عديمي الشخصية يطلب الناس مساعدتنا ويتوقعون أن ننفذ مايرغبون حتى يصبح ذلك أمر مسلم به أو حق مكتسب لهم.
قد نستمر في قول "نعم" للتحقق من شعورنا بأنفسنا ولكن هذا لايحدث أي فرق ولا نشعر باحترامنا لأنفسنا ولانحصل عليه من الآخرين.
وبهذا فقول "لا" وبناء حدود يساعدك على رفع مستوى احترامك لذاتك وتقديرك لها، كما تصبح أكثر وضوحا فيما يخص احتياجاتك الخاصة ومدى اهتمامك بها، ولن تعيد إكراه نفسك على أشياء تكرهها ولاتريد القيام بها فقط لتجعل الآخرين سعداء.
أتعلم أنك تستحق الوقت والطاقة لاحتياجاتك أنت والشعور بالثقة من حصولك عليها.
اجني فوائد قول "لا"
ماذا سيكون شكل حياتك إذا لم تكن تحت النظر وتنادي على كل شخص من حولك؟ هل سيكون لديك الوقت لكتابة قصة طالما حلمت بكتابتها ؟ ربما يكون لديك وقت لتقضيه مع أطفالك أو شريك حياتك، يمكنك البدء في هذا التدريب الجديد الذي وعدت نفسك بالقيام به، ففي كل مرة نقول بها "نعم" على طلب ما، تعني قول "لا" على شيء آخر.
دائما ذكر نفسك بهذا، أنه من الهام أن تقول " لا" للآخرين ولاحظ كيف يحررك ذلك ويساعدك على تحقيق شيء تريد حقا القيام به.
كن حازم
عندما تقول "لا" عليك أن تتسم بالحزم والوضوح، ولا تبالغ في الاعتذار أو تقديم الأعذار، لأنك كلما حاولت توضيح سبب قولك "لا" كلما أتحت الفرصة للآخرين للتحدث إليك ومحاولة تغيير قرارك.
لذا صرح بأدب ووضوح مايمكنك فعله ومالايمكنك واترك الأمر كما هو، لأن الناس المحيطين بك والمعتادين عليك دائما سيقولون أن "نعم" سوف تأتي تدريجيا.
كن صريح مع نفسك ومارس التواصل مع ماتريد وطالب به.
