يحتفل العالم باليوم العالمي لمتلازمة دوان، حيث اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر 2011 على إعلان يوم 21 مارس يوما عالميا لمتلازمة دوان يحتفل به سنويا اعتبارا من عام 2012 .
ومتلازمة داون هي حالة جينية ناجمة عن زيادة إضافية في مادة الكروموسوم الصبغي 21 الذي يؤدي إلى تأخر النمو البدني والعقلي، ولا يعرف حتى الآن سبب هذه الظاهرة، اكتشفها الطبيب الإنجليزي جون داون عام 1865، الذي قدم وصفاً مفصلا للأطفال الذين يعانون من تلك المتلازمة.
ووفقا للجمعية الوطنية لمتلازمة داون، يقدر عدد المصابين بها بين 1 من 800 إلى 1 من 1000 من الولادات الحية في جميع أنحاء العالم، ويولد كل عام ما يقرب من 3000 إلى 5000 من الأطفال الذين يعانون من هذا الاضطراب الجيني.
وتشير دراسة حديثة قام بها باحثون بريطانيون من مستشفى “بارتز آند رويال لندن” إلى اكتشاف قد يؤدي إلى انتهاج طرق جديدة لعلاج بطء النمو والتخلف العقلي والشيخوخة وتلف خلايا المخ ومرض الزهايمر، حيث كشف الباحثون التغيرات الأولى التي تحدث للجنين تؤدي لإصابته بمتلازمة داون، ووجدوا أن التغيرات الطارئة على الخلايا الجذعية لدى الجنين سببها وجود نسخة إضافية من “كروموسوم 21″، الذي يطلق بدوره سلسلة من التغييرات الوراثية في الجنين أثناء نموه.
وأشارت الدراسة التي نشرت في “دورية علم الوراثة البشرية الأمريكية” إلى أن هذه التغيرات الوراثية السبب الأول لمرض الأطفال حديثي الولادة، وتزداد نسبتها مع ارتفاع عمر المرأة عند الزواج، وقام الباحثون بدراسة خلايا الفئران الجذعية بعد تعديلها وراثيا لتحمل نسخة إضافية من “الكروموسوم البشري 21″.
واكتشف الباحثون أن هذا الكروموسوم يعرقل عمل الموروثة “رست” بفعل العامل المورث “دي واي آر كيه 1 إيه” والموجود في “كروموسوم 21″ الذي يطلق اضطرابات تعرقل عمل مورثات أخرى تنظم التطور الطبيعي للخلايا الجذعية في تكوين الجنين.
ومرض متلازمة داون يشكل 25% من مجموع الأمراض الوراثية التي تنتج عن وجود خلل في الكروموسومات، واحتمال الإصابة بالمرض هي من 1 إلى 700 طفل، كما أن 80% من أطفال متلازمة الداون يولدون لأمهات لا تتجاوز أعمارهن 35 سنة، وتزداد هذه النسبة مع تقدم الأم في العمر، لتصبح النسبة طفلا مصابا بالداون من بين كل خمسين طفلا، إذا تجاوز عمر الأم 45 سنة، كما أن إنجاب طفل مصاب يزيد من احتمال إنجاب طفل آخر يعاني منها، وتعتبر متلازمة داون التي تعرف بين الناس ب” المنغولية ” من أكثر الظواهر انتشارا في العالم.
وتشير إحصائيات “الجمعية الأمريكية الوطنية لمتلازمة داون”، إلى أن هناك أكثر من350 ألف شخص في الولايات المتحدة وحدها متأثّرون من هذا المرض مع وقوع حالة بين كل 800 مولود، في حين أن الأرقام في بريطانيا تبين أن حوالي 600 طفل يولدون سنويا بمتلازمة داون، أي حالة في كل 1000 ولادة، أما في منطقة الخليج فقد أظهرت الدراسات أن حالات متلازمة داون تقدر ما بين 1 إلى 3 في كل 1000 مولود.
فكل خلية بشرية بها 23 زوجا من الكروموسومات، أي 46 صبغة، وتنتج “متلازمة داون” من وجود 3 كرموسومات للصبغة رقم 21 “داون” بدلا من 2 “الطبيعي” وتسمى علميا بثلاثية 21، أي أن “متلازمة داون” تنشأ نتيجة وجود 3 نسخ من كروموسوم 21 بدلا من نسختين، بما يعني زيادة في عدد المورثات الصبغية عند الشخص المصاب، بحيث يكون إجمالي المورثات الصبغية لدى الشخص 47 مورثا، بينما يكون العدد الطبيعي للشخص العادي هو 46 مورثا فقط.
وتشير الأبحاث إلى أن احتمال أن تتكرر إصابة طفلين في أسرة واحدة بمتلازمة داون تعتمد بالدرجة الأولى ، على نتيجة تحليل الكروموسومات للطفل المصاب، فإذا أظهر تحليل كروموسومات أنه من نوع كروموسوم 21 الثلاثي، فإن احتمال أن يصاب طفل آخر في الحمل المقبل 1% فقط، وتزيد هذه النسبة إذا كان عمر الأم يزيد على 40 عاما إلى 2%، ولو أظهر تحليل كروموسومات الطفل الذي لدية متلازمة داون أنه من النوع الفسيفسائي أو متعدد الخلايا فإن نسبة تكرار الإصابة في الحمل القادم نفس احتمالات النوع الأول أي 1% تقريبا.
وفي حالة ما أظهر التحليل أنه من نوع الناتج عن تلاصق وانتقال الكروموسومات، فإن احتمال أن يتكرر المرض يعتمد على نتيجة تحليل دم الأبوين، فإذا كان تحليلهما سليما، فإن احتمال أن يولد طفل آخر لدية متلازمة داون في الحمل القادم تقريبا 1%، أما إذا كانت نتيجة تحليل الأم سليم والأب حامل لكروموسوم مركب أو ملتصق مع كروموسوم غير 21، فقد يصاب طفل آخر في الحمل القادم بنسبة 2-3%، وفي حالة إذا كانت الأم هي الحاملة لكروموسوم المركب أو الملتصق مع كرومسوم غير 21 فإن احتمال أن يصاب طفل أخر في الحمل القادم هو 10-15%.
وتوضح “الجمعية الأمريكية لمتلازمة داون” أن هناك عددا من المميزات الجسمية شائعة بين أطفال المتلازمة تظهر بدرجات متفاوتة، من بينها أن العضلات تكون مرتخية، وتكون المفاصل ذات ليونة كبيرة، أما فيما يخص سمات الوجه فيكون الأنف صغيرا ومسطحا، والعين تميل للاتجاه إلى أعلى ، كما تكون الأذنان صغيرتا الحجم، ويكون اللسان كبير وضخم بالنسبة إلى حجم الفم، ويكون الرأس برمته صغيرا، كما يكون أطفال داون قصار القامة، غير أن أطفال متلازمة داون معرضون للتأثر بالعدوى بسهولة عن غيرهم، وللإصابة بالمشاكل التنفسية، واضطرابات القنوات الهضمية، وأيضا حدوث “لوكيميا” الطفولة.
وقد تسبب متلازمة داون تشوهات خلقية وتخلفا عقليا وتزيد من نسبة الإصابة ببعض الأمراض كتشوهات القلب الخلقية مثل الفتحات بين الأذينين أو بين البطينين، وانسداد في الأمعاء، وزيادة نسبة الإصابة بسرطان الدم، وفقدان السمع، وهبوط عمل الغدة الدرقية،، وهي تصيب ما يربو على 50% من أطفال متلازمة داون وتحدث في الأسابيع الأولى من الحمل.
أما عن التشخيص فقد تمكن الطب الحديث من تشخيص المرض أثناء الحمل وذلك من خلال فحص صبغة الجنين الوراثية، ومن أكثر الطرق انتشارا بالنسبة لتشخيص فحص “السائل الأمينوسي” الذي يحيط بالجنين في الرحم، وفحص الغشاء المشيمي، ويتم الفحص بواسطة الأشعة فوق الصوتية.
ويؤكد المتخصصون أن طفل متلازمة داون يأخذ وقتا أطول لاكتساب المهارات مقارنة بأقرانه، كما أنه لا يكتسب كل المهارات التي يمكن أن يكتسبها من هم في مثل سنه، ولكن يمكن تقليل هذه الفروق بالتدخل المبكر وتدريب الطفل لاكتساب المهارات المختلفة، فبعض الأبحاث أكدت أن بعض أطفال المتلازمة يكتسبون المهارات بشكل أسرع إذا قدم لهم التدريب والتعليم في وقت مبكر.
ويقدم المتخصصون للأم بعض الطرق لتشجيع نمو طفل متلازمة داون، ويؤكدون أن لمس الطفل وحضنه، والابتسام في وجهه تعطيه المزيد من المحبة، وينصحون الأم كذلك بالتحدث مع الطفل، وذلك لأن الأطفال في كل الأعمار يحبون أن تغني لهم أمهاتهم، ويحبون أن تروى لهم القصص والحكايات، فهم أول يسمعون الكلمات قبل أن ينطقوا بها، كما أن اللعب مع الأطفال يشجعهم على اكتشاف الأشياء المختلفة، والألعاب التخيلية تنمي تفكيرهم.
كما أن الأطفال الصغار يستمتعون بالنظر إلى الصور في الكتب والمجلات، وتفيد التجارب الاجتماعية في أن يصبح الطفل أقل انعزالا عن محيطه الاجتماعي، وخاصة إذا لم يكن قد التحق بالحضانة أو الروضة عند السنة الثانية من عمره، ويحذر المتخصصون الآباء والأمهات من المبالغة في التعليم العلمي كبرامج الكمبيوتر المعقدة لتنميه مهارات الأطفال الصغار، لأن هذا الأسلوب قد يضغط على الطفل من الناحية النفسية يؤدي إلى خسارة اهتمام الطفل بالتعلم والمعرفة.
من جهة أخرى.. ينصح المتخصصون الآباء بضرورة المتابعة الدورية لطفل متلازمة داون كي يتم تجنب إصابتهم بمشاكل صحية أكبر، وذلك عن طريق متابعة الأطباء دوريا لملاحظة عمل الغدة الدرقية بصفة دورية، وقياس السمع والنظر بشكل دوري، وعمل أشعة لفقرات العنق وتخطيط للقلب وأشعة صوتية، لفحص عمل الجهاز الهضمي.