انشاء أول قسم يعنى بالآثار الغارقة والتراث الثقافي المغمور بالمياه في ليبيا
باشر فريق مهتم بالآثار الغارقة، أعماله لانشاء أول قسم يعنى بالتراث الثقافي المغمور بالمياه في ليبيا، سيكون مقره مراقبة آثار شحات، على أن يتوسع نطاق عمله ليشمل مختلف المراقبات المنتشرة على طول الساحل الليبي، الذي وصف بأنه لغزاً لم يبوح بأسراره بعد، وفق ما أكد السيد خالد دخيل، المشرف على المشروع.
وأفاد دخيل بأن فكرة انشاء القسم الذي سيهتم ويعنى بالتراث الثقافي المغمور بالمياه على طول الساحل الليبي الممتد زهاء 1700 كيلومتر، انبثقت إثر تلقيه دورة في مجال الغطس في تونس، ومباشرة عمله مع البعثات الأجنبية المتعاقدة معها مصلحة الآثار، وتكشف أمامه غنى الساحل بالآثار الغارقة التي تحتاج لإخضاعها للمسح والكشف العلمي، مؤكداً على تواصله مع رئيس مصلحة الآثار الدكتور صالح العقاب الذي أبدى حماسة وتعاون كبيرين، وأصدر قراراً بانشاء قسم بالمراقبة يعنى بهذا الجانب، مشيراً إلى أن العمل جاري حالياً على تكوين فريق للعمل وإخضاعهم للتدريبات المكثفة، وتزويدهم بالتجهيزات اللازمة، وصولاً إلى تشكيل فريق ليبي متخصص، وصقله لاكتساب الخبرة في هذا المجال، الذي يثير ويسترعي اهتمام الكثير من علماء الآثار، ويستقطب شريحة واسعة من السياح.
وأوضح دخيل أحد خبراء مراقبة آثار شحات، أن الفريق سيتولى مهمة إجراء مسح وتوثيق للآثار الغارقة على طول الساحل، الذي يستضيف عدد كبير من المواقع التي تحتضن في قيعانها آثار مغمورة بالمياه و سفن وقطع بحرية غارقة.
وفي موضوع ذي صلة، يؤكد تقرير منظمة (الدرع الأزرق) أحد المنظمات العالمية المهتمة بالآثار، على أهمية التراث الثقافي المغمور بالمياه والمواقع الأثرية القابعة في أعماق سواحل ليبيا التي باتت تكتسي أهمية متزايدة في فهم مراحل تطور الحضارات في حوض البحر المتوسط أكثر المواقع القديمة إثارة لإهتمام الكثير من الخبراء وعلماء الآثار، وتستقطب شريحة واسعة من السياح الذين يقصدون المنطقة سنوياً بغية الاطلاع على تاريخ وحضارة المنطقة.
ولاتزال الكثير من النقاط الجغرافية على طول الساحل الليبي لغزاً لم يبوح بأسراره بعد، نظراً لعدم توفر الإمكانيات والمتطلبات المادية والبشرية اللازمة للبحث والتنقيب عن مواقع الآثار المغمورة قبالة الساحل الليبي الممتد لمسافة 1700 كيلومتر، فيما تقف عديد البعثات الأثرية العالمية بالتأكيد على الكشف عن التراث الثقافي المغمور، سيما وأن الدراسات التاريخية والوثائق القديمة تؤكد انتشار شبكة من المرافئ على طول الساحل الليبي من "أنتى براقوس" طبرق الحالية إلى "بسييدة " ابو كماش في الغرب، كانت من أهم الموانئ التجارية التي شهدت نشاطاً ملحوظاً في تصريف منتجات دواخل القارة الأفريقية نحو مدن العالم القديم، فضلاً على تصدير السلع والمنتجات الزراعية الليبية التي من أشهرها نبات السلفيوم بالإضافة إلى زيت الزيتون.
تجدر الإشارة إلى أن التراث المغمور بالمياه يشكل تنوعا وغنى واسعين، إذ يقدر عدد السفن المغمورة بالمياه في مختلف أرجاء العالم بثلاثة ملايين سفينة. هذا مع العلم أنه تم تحديد مواقع تتواجد فيها كمية من بقايا الآثار المغمورة بالمياه، مثل بقايا منارة الإسكندرية وقصر كليوباترة بمصر، وجزء من مدينة قرطاجة القديمة، في تونس، واجزاء واسعة من ميناء مدينة لبدة الأثرية وسوسة وعدد من المدن الأثرية على طول الساحل الليبي، ويتضمن هذا التراث المغمور بالمياه مواقع طبيعية كاملة غمرتها الأمواج كليا إضافة إلى مغاور تحتوي على رسومات مزخرفة.
كما تهتم بعثات أثرية أجنبية منذ سنوات بالكشف عن مواقع الآثار الليبية المغمورة بالمياه في مدينة لبدة التي تحتضن ثالث أكبر ميناء في العالم القديم، فضلاً عن ميناء مدينة سوسة الأثرية الذي عثر في أعماقه على بقايا سفينة قديمة يرتقي تاريخها إلى القرن الخامس قبل الميلاد، في حين سجل عام 2010، أخر اكتشاف قبالة الساحل الليبي، حين عثرت بعثة جامعة نابولي الايطالية برئاسة العالم "سبستيانو توزا " على آثار مدينة مغمورة بالمياه، تتألف من عدد من الصروح، والشوارع، والجدران، ومباني تغطي مساحة هكتار على عمق يتراوح مابين 1 - 3 أمتار قبالة سواحل منطقة رأس التين غرب خليج بمبة، يعتقد أن تاريخها يعود للقرن الثاني للميلاد.