يرى واضعو مبادرة مجموعة العمل الوطني لنقل السلطة بشكل سلمي بعد انقضاء مدة المؤتمر الوطني العام بأنها آلية جادة يمكن أن تشكل أساسا لمنع انزلاق ليبيا إلى الفوضى السياسية والمجتمعية.
وتتمحور هذه المبادرة ، التي تستدعي قبل كل شيء تعديل المادة 30 من الإعلان الدستوري ، حول تسليم المؤتمر الوطني العام السلطة بانقضاء المدة المحددة له في الإعلان الدستوري في 7 فبراير 2014 - وهي مازالت مثار خلاف ، لان البعض يرى أن انتهاء مدة المؤتمر مرتبطة بإنجاز مهمته بوضع الدستور - إلى مجلس رئاسي يتكون من ممثل الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور (بصدد الانتخاب) رئيسا وعضوية رئيس المجلس الأعلى للقضاء ورئيس المحكمة العليا ، وتحول الحكومة المؤقتة إلى حكومة تسيير أعمال.
يشار إلى عملية صياغة دستور للبلاد ، وهو الأول منذ ما يزيد عن نصف قرن بعد أن ألغى الدكتاتور القذافي الكيان الدستوري والقانوني والمؤسساتي والمجتمعي للدولة الليبية وأغرقها في الفوضى، قد تعطلت لعدة أشهر.
وكان مقررا أن يتم تعيين أعضاء لجنة الستين لصياغة الدستور من قبل المؤتمر الوطني العام إلا أن ضغوط جهوية وخلافات بين الأعضاء والكتل السياسية تحت قبة المؤتمر وتدخلات من خارجه اضطرت المؤتمر إلى التوافق في نهاية المطاف على اختيار أعضاء اللجنة التأسيسية عن طريق الانتخاب.
ولم يتبق سوى 100 يوما من عمر المؤتمر الوطني العام " حسب واضعو المبادرة " إلا أن عملية الترشح لعضوية اللجنة لا تزال مستمرة مع وجود بعض الخلافات خاصة رفض الأمازيغ والطوارق والتبو لتوزيع مقاعد اللجنة.
وأبدى العديد من الليبيين في مداخلات عبر مواقع التواصل الاجتماعي ترحيبهم بهذه المبادرة في وقت تواجه فيه البلاد مع نهاية ولاية المؤتمر الوطني العام مخاطر أزمة سياسية ودستورية غير مسبوقة إلى جانب تنامي الانقسامات والاختلافات بين مختلف الأحزاب والكتل السياسية إلى جانب الانتشار الواسع للسلاح خارج الشرعية وتردي الأوضاع الأمنية.
وفي هذا السياق ، حذر نائب رئيس المؤتمر الوطني العام السابق جمعة عتيقة من خطورة الأزمة التي ستواجهها ليبيا والتي قد تدخل البلاد ، بحسب قوله ، في مرحلة من الاستعصاء الدستوري والانسداد في الأفق السياسي.
ودعا الليبيين إلى استشعار خطورة هذه الأزمة والعمل على تجنيب البلاد الانزلاق نحو المجهول ما يهدد بالعصف بآمال الليبيين وإجهاض أهداف ثورة 17 فبراير.
وكان عتيقة طرح من جهته مبادرة تقوم على أساس منح صلاحيات المؤتمر الوطني العام إلى لجنة الستين المنتخبة بالإضافة إلى مهمتها في صياغة الدستور وأن تقود المرحلة الانتقالية المتبقية إلى حين انتخاب الهيئة الرئاسية والتشريعية الدائمة.
بدوره كان الدكتور مصطفي أبوشاقور الذي شغل منصب نائب رئيس الحكومة الانتقالية قد طرح مبادرة بعنوان " إعادة الأمل .. من أجل ليبيا " ، والتي تهدف للخروج بها من أزمتها الراهنة على المستويين : التشريعي ، والتنفيذي .
ولخص الدكتور " مصطفى أبوشاقور" مبادرته في بعض النقاط منها : التمسك بشرعية المؤتمر الوطني العام ، ودوره كحلقة ضرورية في مسيرة استكمال بناء دولة المؤسسات والدستور حتى يسلم الراية لبرلمان منتخب ، والتأكيد على ضرورة الاستمرار في إجراءات انتخاب الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور ، مع مراعاة إجراء تعديل على الإعلان الدستوري الحالي ليصبح دستوراً مؤقتاً يحدد نظام الدولة ، و ينص على إجراء انتخابات عامة لاختيار رئيس للدولة الليبية وبرلمان وطني مؤلف من (200) عضو يتم انتخابهم بصورة فردية وطنية ، دون تخصيص مقاعد للأحزاب أو الكيانات السياسية ، وأن يتم ذلك في موعد لا يتجاوز مارس 2014 .
ومن جهته كان تحالف القوى الوطنية قد بادر بالدعوة لحوار وطني في مستهل الشهر القادم يضم كافة أطياف المجتمع الليبي السياسية والثورية والعسكرية وأعيان القبائل وعلماء الدين ومؤسسات المجتمع المدني.
ويرى المراقبون للشأن الليبي أن توالي هذه المبادرات يؤشر على اقتراب ليبيا من مرحلة مهمة ، وإحساس الليبيين بأنها قد تكون الأخطر منذ نجاح ثورة 17 فبراير في الإطاحة بنظام القذافي لأنها ستضع أسس الانتقال السلمي للسلطة وبناء دولة ليبيا الجديدة والتي ستحدد معالمها وفق للدستور الذي سيطرح لاستفتاء الليبيين عليه .