أوضح النائب العام المستشار " الصديق الصور " إن النيابة العامة لم تتصل بالوقائع جميعها التي تضمنها تقرير ديوان المحاسبة فيما يتعلق بنتائج فحص ومراجعة وتقييم أداء الجهات الخاضعة لرقابة الديوان ، لذلك طلبنا إلى ديوان المحاسبة إحالة محاضر جمع الاستدلال وسائر الوثائق والمستندات المتعلقة بالوقائع التي لم تطرح أمام سلطة التحقيق في السابق ، مؤكداً على أن لتقارير ديوان المحاسبة أهمية مرجعها الحجية التي تكتسبها.
جاء ذلك في لقاء المستشار الصديق الصور بعدد من الصحفيين والإعلاميين في حوار مفتوح تناول التحقيقات التي باشرتها النيابة العامة في الوقائع التي تشغل الرأي العام ، وعلى الأخص تلك التي تضمنها تقرير ديوان المحاسبة لسنة 2021.
وفي مستهل اللقاء أكد الناب العام على دور الإعلام في تبصير الرأي العام وإحاطته بالمعلومات الصحيحة والتنبيه إلى السلوكيات التي من شأنها تقويض مقومات المجتمع ، وضرورة الموازنة بين حق المجتمع في الكشف عن الجريمة وبين السرية التي تفرضها متطلبات التحقيق الجنائي وحقوق الإنسان .
في سياق إجاباته عن تساؤلات الصحفيين والإعلاميين المتعلقة بالإجراءات القضائية المتخذة حيال جرائم الفساد المالي والإداري المنسوبة إلى عدد من قيادات قطاعات الصحة ، والتعليم ، والثقافة ، قال " الصور " : إن النيابة العامة باشرت التحقيق في الواقعات المجرمة التي طالت المال العام والمصلحة العامة في هذه القطاعات في وقت سابق على صدور تقرير ديوان المحاسبة لسنة 2021 وقد استعانت النيابة العامة ببعض التقارير المقدمة من السادة أعضاء الديوان في الخصوص وأصدرت القرارات والتدابير الاحتياطية المناسبة كالأمر بحبس وزراء التعليم والصحة والثقافة وعدد من موظفي الوزارات المذكورة حبساً احتياطياً على ذمة التحقيقات ، ثم رفعت سلطة التحقيق الدعوى إلى القضاء وحجزت الدعوى المتعلقة بقطاع الصحة للحكم يوم 21/10/2022.
وأضاف عند اجابته عن المركز القانوني لوزيرة الثقافة : أن النيابة العامة أفرجت عنها بعد حبسها احتياطياً لاعتبارات أقتنعت بها النيابة العامة ، أما مسألة مباشرتها لعملها السابق فهي ليست من المسائل الجنائية المتروك تقديرها للسلطة القضائية باعتبارها شأن إداري أوضحت أحكام القانون الدستوري والإداري قواعده الحاكمة فيما يخص الوظيفة العامة ومتقلدها ، ولكن تدابير سلطة التحقيق في إطار الدعوى العمومية مازالت قائمة "نافذة" تسييداً للقانون لا ينال منها عودة المتهمة إلى عملها السابق .
وعن نتائج التحقيق في التجاوزات التي طالت منظومتي الأحوال المدنية والرقم الوطني أفاد الصور : بأن التحقيقات التي باشرتها النيابة العامة منذ سنتين ترتب عنها إثبات التلاعب في قاعدة بيانات المنظومات الحكومية المخصصة لتقديم الخدمات إلكترونياً ، بإدراج بيانات غير مدرجة في منظومة الأحوال المدنية وتابع قائلاً : إن النيابة العامة بعد فراغها من أعمال مراجعة البيانات ، أخذت في إعداد مخطط عملي يهدف إلى تحديد المسؤولية .
وفيما يتعلق بنتائج تحقيق وقائع الحصول على منافع مادية غير مشروعة باستعمال مستندات تجارية ومصرفية مزورة ، استعملها مقدموها عند انجاز العمليات المصرفية ، وأخصها الاعتمادات المستندية ، أوضح "الصور" أن النيابة العامة باشرت التحقيق في البلاغات المحالة إليها ، وقد ترتب عن ذلك نتائج ذات أهمية ، منها تحديد قيمة الضرر الذي اصاب المال العام وتحديد المسئول عنه .
وأضاف قائلاً : إن مكتب النائب العامة وضع آلية تضمن استرداد المنافع المادية غير المشروعة فأسهم ذلك في وقف جزء من الضرر ، حيث بلغت قيمة الأموال المستردة (208.289.867.972 )مليون دينار .
وأشار " الصور" إلى أن النيابة العامة اتخذت الإجراءات الاحتياطية الكفيلة بملاحقة المتهمين في هذا الملف على الصعيدين الوطني والدولي غير أن غياب التفاعل مع إجراءات الضبط والتسليم في الولايات القضائية النظيرة حال دون تطور الإجراءات في شأن المتهمين الفارين إلى الخارج .
وبسؤال النائب العام عن تحقيقات النيابة العامة المتعلقة بالفساد المالي الذي طال العمليات المصرفية في المصرف الليبي الخارجي قال : إن المصرف الليبي الخارجي سجل خسائر مالية تجاوزت ( 800 مليون دولار ) نتيجة مخالفة معايير وضوابط الاستثمار ، موضحاً أن إجراءات التحقيق مازالت مستمرة ، وعلى الأخص ما تعلق منها بملاحقة المطلوبين الذين قاموا ، في سبيل الحصول على منافع مادية غير مشروعة ، بالاستثمار في السندات والأسهم والأوراق النقدية التي بلغت بها معدلات خطر كبيرة ، وتابع قوله : إن النيابة العامة مازالت تتابع إجراء المراجعة الجنائية الحسابية حتى انتهائه لغرض تعزيز الأدلة القائمة أمامها عند إحالة من قُبِضَ عليهم في وقت سابق إلى المحاكمة .
أما فيما يتعلق بالتحقيق في واقعة توريد كميات من وقود ( البنزين ) المخالف للمواصفات المطلوبة قال النائب العام : إن النيابة العامة أخذت في بحث ظروف وملابسات التوريد فاستلزم التحقيق اللجوء إلى الخبرة الفنية بحضور وملاحظة وكيل النيابة المكلف من قبله ، لإجراء التحاليل اللازمة على المادة الموردة .
كما استعرض "الصديق الصور " خلال هذا اللقاء آلية سير العمل وضوابط تدبير الشؤون القضائية والإدارية في هيئة النيابة العامة ، وتابع قوله : إن النائب العام يقوم بأداء وظيفة النيابة العامة ويعاونه عدد من الأعضاء تم تنسيبهم (210) نيابة جزئية و( 43) نيابة ابتدائية ز ( 11) نيابة استئناف ، مؤكدا على أنه يمارس اختصاصاته والسلطات الممنوحة له بموجب القانون في كل أنحاء ليبيا في ظل الظروف الحاضرة .
في السياق ذاته قال النائب العام : إن وكلاءه يعملون بموضوعية وحيدة على تحقيق الجرائم ذوات الآثار الخطيرة ، والجرائم الموصوفة بالإرهابية ، وقد انجزوا جل التحقيقات بنجاح رغم الصعوبات القائمة ، وأضاف قائلاً: إن ترسيخ مفهوم العدالة الناجزة ووضع رؤية تخصص المحقق الجنائي موضع التنفيذ اقتضى إنشاء محكمة ونيابتين جزئيتين متخصصتين في إطار دائرة كل نيابة استئناف تعنى الأولى بالتحقيق ورفع الدعوى الجنائية ومباشرتها عن الجرائم المنصوص عليها في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد ، أما الأخرى فيتحدد اختصاصها بجرائم ماسة بمصالح المجتمع وتهدف إلى ضمان فعالية التحقيق وتطبيق النصوص التجريمية التي تتطلب إلماماً متخصصا بقواعدها المتأثرة في تشريعات عدة مختلفة المستويات ، إضافة إلى وضع آلية لتفعيل الجهات الضبطية المنشأة بموجب أحكام تلك التشريعات أو وفقاً لتدابير إدارية من القطاع المختص ، وهذا أمر يتطلب تتبع جهات إنفاذ القانون والإشراف على أعمالها الضبطية .
أما فيما يتعلق بظاهرة التعدي على أملاك الدولة الليبية ، قال الصور : إن النيابة العامة تصدت لأفعال التعدي ، ومازالت تتخذ التدابير اللازمة للحد من الآثار الناجمة عنها ، وقد نجم عن هذه التدابير ، خلال هذه السنة إخلاء ( 165) عقاراً مملوكاً للدولة الليبية ، وتسليمها للجهات القائمة عليها ، إضافةً إلى إخلاء عقارات خاصة معتدى على حقوق أصحابها المكفول لهم التمع بما يرتبه حق الملكية والحقوق المتفرعة عنه .
وفي خصوص تطوير هيئة النيابة العامة ، قال النائب العام إنه يعمل على تنفيذ خطط لقيادة التغيير وتطوير السلك القضائي بدعم حكومي وفق رؤية وسياسة مرجعها ما لوحظ عبر سنوات فيما يتعلق بإدارة العدالة والنفاذ إليها ، بمراعاة المقررات المتعلقة بتحديث هيئة الادعاء العام وفق المتطلبات والمعايير الوطنية والإقليمية والأقاليمية والدولية ذات الصلة بالعدالة ومنع الجريمة ومكافحتها ، وقد استهُلت مراحل التنفيذ بتهيئة مناسبة لمائتين وخمسين مقراً وتوفير الإمكانات اللازمة لتسييرها ، فصار الآن متوافقة مع المعايير الدولية لبيئة العمل القضائي والعدلي ، بما في ذلك إحداث مشروع أتمته عمل هيئة النيابة العامة ورقمنته ، كما أكد المستشار أنه يولي الاهتمام اللازم لاحتياجات المورد البشري من التنمية المعرفية والتدريب المستمر ، فتقرر بناء على ذلك تدشين مركز البحوث الجنائية والتدريب كصرح علمي بحثي وتدريبي لتحقيق أغراض تنطوي على ضمان ملاحقة التطور ومواءمة العمل والتشريعات مع المعايير الناظمة التي التزمت بها الدولة ، اهما اجراء البحوث والدراسات المتعلقة بشؤون الجريمة والعقاب ورصد الاسباب والعوامل المؤدية إليها وتشخيصها ونقل مخرجات عمل المركز إلى راسمي السياسة العامة وصانعي القرار في مجال العدالة وأخصها العدالة الجنائية وسياساتها ، وتصميم البرامج والأنشطة التدريبية لأعضاء النيابة العامة وموظيفها والموظفين التابعين للجهات التي يتصل عملها بانفاذ القانون أو دعم العدالة الجنائية ،.
وفي ختام اللقاء شكر المستشار النائب العام الحضور منوهاً بأهمية دورة الصحفيين والإعلاميين في النقل الدقيق لتدابير النيابة العامة وما يتصل بها من أخبار إلى أفراد المجتمع والمهتمين ، والاطلاع على المعلومات القضائية المتاحة من خلال صفحة مكتب النائب العام على منصة التواصل الاجتماعي ( facebook.com/attorneygenerl.ly) وعبر التواصل مع المتحدث الرسمي لمكتب النائب العام .