رأى النائب بالمجلس الرئاسي " موسى الكوني " أن الحل الأمثل لخروج ليبيا من حالة الانقسام وعدم الاستقرار الأمني والمجتمعي، وحالة الانسداد السياسي التي وصلت إليها الأطراف الليبية بمختلف تصنيفاتها وتوجهاتها الفكرية والسياسية والمجتمعية، هو العودة للحكم اللامركزي والعمل بنظام المحافظات، المكفول بشرعية تاريخية دستورية، توزعت وفقه جغرافية ليبيا إلى عشر محافظات.
جاء ذلك خلال زيارته لمدينة مصراته ولقاءاته وحواراته مع اعيانها وحكماءها ورئيس وأعضاء المجلس البلدي للمدينة التي اختارها – حسب قوله - لرمزيتها ودورها المحوري في الحفاظ على وحدة التراب الليبي، لإطلاق رؤيته للعودة الى اللامركزية في الحكم، باعتبارها الحل الانجع لإنهاء حالة الانسداد السياسي المقلقة، والخروج بالبلاد من ازمتها.
وتحدث " الكوني " خلال طرحه لرؤيته عن إشكاليات تمركز سلطة مركزية واحدة في العاصمة، واستفرادها بتصريف كافة الاعمال المالية والعسكرية كما السياسية، بمعزل عن بقية أطراف البلد، وعن إنتظارات الناس العاجلة ، وإن رهن القرار بالعاصمة جعلها محل مطمع لكل من أراد السلطة المطلقة او الاستحواذ على مقاليد التصريف في ثروات البلد.
وأكد أن مركزية السلطات في العاصمة، جعل منها رهينة للصراع، وضحية لمختلف الصدمات التي وصلت للدموية ، وانعكس على أمن وحياة مواطنيها ومعيشتهم ، وما الاحداث الأخيرة في طرابلس ، وأهوالها الا خير دليل ذلك ، مبينا أن هذه الصراعات كانت ولازالت وراء هذا الانسداد السياسي، والعجز عن الوصول لحلول ناجعة لازمة ليبيا والوصول بها الي الاستقرار المنشود.
وقال النائب بالرئاسي " الكوني " إن المركزية هي من تسببت في عرقلة الحلول السياسية وإيجاد مخرج نهائي للازمة وتنظيم الانتخابات ، وهو الامر الذي صار يهدد البلاد بالتقسيم او الانفصالية.
وشدد الكوني علي ان المخرج يكمن في تفتيت الاشكال القائم، وإلغاء هذا التمركز المطلق للسلطة في يد الحكومة المركزية في العاصمة. ، مؤكدا أن نظام المحافظات وهو النموذج الذي أستطاع من خلاله المؤسس الأول للدولة الوطنية في ليبيا الملك الراحل " أدريس السنوسي " أن يقود البلاد في فترة تاريخية حرجة مشابه لما تمر به البلاد الان، إلى بر الاستقرار .
وأشار إلى أنه على الرغم من إن الدستور المبدئي للبلاد كان ينص على فيدرالية الحكم، وفق التقسيم الجغرافي الثلاثي للمناطق، إلا ان الإشكاليات التي نتجت عن هذا النموذج، جعلت الملك يقرر تبني نظام المحافظات. الذي يؤسس اليوم للنموذج الأمثل لإدارة شؤون البلاد في هذه الظروف، وأن يضمن حقوق كافة مناطق ومكونات الشعب الليبي ، والقفز على المركزية بكل عيوبها ، و تسلم المحافظات للميزانية الضرورية لإدارة مشاريعها ، وتصبح الحكومة بالأحرى العين المراقب لكيفية صرف وإدارة الأعمال، ويتحول النقد والضغط الذي كان موجه للحكومة المركزية إلى قوة في يدها، تمكنها من الضغط والمراقبة والمحاسبة. وتتفرغ لإدارة البلاد، والتفكير في صيرورة العمل السياسي والديمقراطي، ومتابعة تنفيذ المرحلة الانتقالية، والالتفات التام لمهمتها السياسية، بينما تكلف المحافظات بالحوكمة المحلية وإدارة شؤون المخططات والبرامج الإنمائية الآنية والضرورية سواء السريعة، أو المستقبلية لمناطقهم.
وأوضح ان نموذج اللامركزية من شأنه كذلك أن يخفف من الضغط على العاصمة والحكومة المركزية ، واستهدافها من الكثيرين بالقياس الى تمركز جهات المطالب ، وينعكس إيجابا على سرعة ونجاعة السيطرة على إي تهديد أمني، بالقياس إلى قرب مركز السلطة التنفيذية من أماكن وقوع الحوادث ، و يسهل مسألة اتخاذ القرار ، وسرعة تطبيقه والسيطرة بالتالي في سرعة كافية على أي خطر.
وقال الكوني ان من مزايا نظام المحافظات توفير آلية ناجعة لمكافحة أوجه الفساد المالي أو الإداري، ويسهم في تفرغ الحكومة المركزية لأداء دورها الوطني في مراقبة أوجه الصرف وتدبير الأمور وتنفيد المشاريع المنصوص عليها في الخطة المعتمدة لمختلف المناطق ، بحيث تمنح المحافظات ميزانية مخصصة وفق برامج تنموية وإدارية مرسومة، يتم في سياقها برمجة جدول الصرف وفق خطوات سير العمليات التنموية.
وحول الرؤية للآليات تطبيق نظام الحكم اللامركزي حدد " الكوني " هيكلية وضوابط وشروط العمل بهذا النموذج وهي أن تختار الحكومة شخصية اعتبارية على رأس كل محافظة، يكون بالضرورة من خارج المحافظة، وتتم عملية الاختيار عبر عملية توافقية يراعى فيها مصلحة المحافظة ومصلحة الوطن، وتعطى للمحافظ كامل الصلاحيات، مع ضمانة شفافية سير العمل على البرنامج والمخططات التنموية التي يجب ان يتم عرضها على الناس، والسماح لهم بمتابعة مراحل تنفيذها.
وحسب رؤية " الكوني " تكون للمحافظة مجلس إداري يتكون عمداء البلديات الذين أفرزتهم العملية الانتخابية (ويكون لهم صلاحية مناقشة أوجه صرف الميزانية ومراعاة مستلزمات الظروف الطارئة. وترفع المطالَب وفق هذا النموذج من القاعدة للقمة (من القطاعات للبلديات من البلديات للمحافظة ومنها الى وزارة التخطيط ، وبالتالي نضمن الثقة في أن المخطط الحكومي يستند الى مطالب الشعب ويستجيب بالفعل لإنتظارته. والذي يضمن تفرغ الحكومة المركزية وفق هذا النموذج لدورها السياسي والوطني في حكم البلاد وإدارة علاقاتها الدولية وتأمين سير العملية الديمقراطية، وحماية أمنها وحدودها.
وتناول النائب بالمجلس الرئاسي " موسى الكوني " في حواراته أهمية دور مصراتة البارز في توحيد ليبيا على مختلف الأصعدة ، مشيدا بنشاطها الاقتصادي الحيوي في كل مناطق ليبيا ، ودورها البطولي خلال العام 2011م، وتجسيدها لملحمة البنيان المرصوص التي جففت منابع الإرهاب بهزيمة تنظيم داعش وتحرير مدينة سرت من قبضته، الأمر الذي جعل مصراتة تتحمل مسؤوليات كبيرة من أجل استقرار ليبيا.
ولفت " الكوني " على ضرورة أن يكون لمصراتة الدور البارز خلال المرحلة الراهنة بإيجاد مخرج لحالة الانسداد السياسي الذي تعاني منه البلاد لما لها من خبرات وحكماء لديهم القدرة بتقديم رؤيا تساهم في الخروج من الازمة التي تعيشها البلاد بالتعاون مع المجلس الرئاسي والجهات ذات العلاقة.
بدورهم أكد المشاركون في هذه الحوارات على أن المسؤولية الكبرى تقع على كاهل المجلس الرئاسي خلال هذه المرحلة لإنهاء الأزمة الراهنة والوصول بليبيا إلى بر الأمان من خلال خارطة طريق تساهم في إجراء الانتخابات، وإنجاح مشروع المصالحة الوطنية، الذي أطلقه المجلس، وأعلنوا دعمهم الكامل لكل الخطوات التي يتخذها لتحقيق الاستقرار في ليبيا.
ووجه عميد بلدية مصراته " محمد السقوطري " في كلمة له الدعوة للمجلس الرئاسي لعقد اجتماعه الدوري القادم في مدينة مصراته وفق انتظار الشعب لان يكون تواجده في كل مناطق الوطن.