أكد رئيس حكومة الوحدة الوطنية " عبد الحميد الدبيبة " أن مجلس الأمن يعقد اجتماعه اليوم لمناقشة المسألة الليبية في ظروف تختلف عن السابق نتيجة الانقسام والخلافات والحروب خلال السنوات الماضية .
وقال " الدبيبة " في كلمته أمام جلسة مجلس الامن الدولي إننا نعيش اليوم بارقة أمل للخروج من النفق المظلم الذي دام لسنوات، وذلك بفضل الله وجهود الليبيين، وأننا وبدعمٍ من الأمم المتحدة والدول الشقيقة والصديقة، نجحنا في الوصول بليبيا الى وضع أكثر استقراراً وإيجابية في ظل حكومة وطنية موحدة ترمي لتحقيق الاستقرار من خلال مبادرة استقرار ليبيا، وقيادة مجموعة العمل الدولية في المسارين الأمني والاقتصادي.
وأوضح أن حكومة الوحدة الوطنية ممثلة للجميع دون أي إقصاء، وبعيدة عن صراع الشرعيات الذي عانت منه ليبيا لسنوات عديدة .. مبينا أن حكومته استطاعت في فترة وجيزة ورغم التحديات أن توحد أغلب المؤسسات التنفيذية للدولة، وتتطلع الى ان يتم استكمال استحقاق المؤسسات السيادية، والذي يختص به مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة ، اللذان نحثهما في هذه المناسبة على الإسراع في توحيد تلك المؤسسات حتى تستطيع الحكومة العمل بالكفاءة والفاعلية المطلوبة.
وتقدم " الدبيبة " في كلمته بالشكر لبعثة الأمم المتحدة وللجنة المراجعة الدولية لحسابات البنك المركزي على جهودهما التي توجت بالتئام البنك المركزي في طرابلس، مما سيسفر في تحسن الوضع الاقتصادي للدولة وينعكس إيجابا على حياة المواطنين.
وجدد رئيس حكومة الوحدة الوطنية في كلمته التأكيد على أن خيار الوصول بالبلاد الى تنظيم الانتخابات البرلمانية و الرئاسية المقررة في الـ ( 24 ) من شهر ديسمبر القادم يعد بالنسبة للحكومة خيار وطنيا واستحقاق تاريخيا ، يتطلب العمل على تنفيذه تكاثف الجميع ،كلٌ حسب اختصاصه والمسؤوليات المنوطة به ، وعلى رأسها العمل على إنجاز القاعدة الدستورية ، والقوانين الانتخابية اللازمة في أقرب وقت ممكن ، وأن الحكومة من جهتنا كسلطة تنفيذية تقوم بما في وسعها الدعم هذا الاستحقاق التاريخي .
وأشار " الدبيبة " في كلمته إلى أن الحكومة شكلت لجنة وزارية لدعم الانتخابات، وخصصت ما هو متاح من مبالغ مالية لدعم المفوضية العليا للانتخابات رغم عدم إقرار الميزانية العامة من قبل مجلس النواب و لتي تقدمنا بها منذ أكثر من ثلاثة أشهر فور اعتماد الحكومة ، مشددا على أن عدم اعتماد الميزانية أعاق مجهودات الحكومة في تحسين الوضع المعيشي للمواطنين، وتلبية احتياجاتهم العاجلة والطارئة، خاصة الإنسانية منها، وتوفير المناخ الملائم لإجراء الانتخابات.
وأوضح رئيس الحكومة أنه فيما يتعلق بتأمين الانتخابات فقد أعطيت التعليمات لوزارة الداخلية لتدريب ( 30 ) ألف عنصر من عناصر الوزارة لتولي مهمة تأمين مراكز الاقتراع في كامل الأراضي الليبية ، ولضمان سلامة الناخبين والمرشحين والعملية الانتخابية برمتها.
وناشد " الدبيبة " كل من أعضاء مجلسي النواب والأعلى للدولة، وأعضاء ملتقى الحوار السياسي الليبي لنبذ خلافاتهم وتحمل مسؤولياتهم التاريخية أمام الشعب الليبي من أجل الوصول الى توافق حتى نتمكن من إجراء الانتخابات العامة في موعدها المحدد.
ونبه رئيس حكومة الوحدة الوطنية " عبد الحميد الدبيبة " في كلمته إلى أن مسألة المرتزقة والمقاتلين الأجانب المتواجدين على الأراضي الليبية هي من أهم عوائق الاستقرار في ليبيا، وأنه يؤكد أمام مجلس الأمن على أهمية الإسهام معنا في التصدي لهذا الأمر بكل قوة من خلال احترام جميع الأطراف لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، مشيرا إلى أنه وفق ما جاء في تفاهمات مؤتمر برلين الأول والثاني، فقد عبرت جميع الدول المشاركة عن التزامها بقرارات مجلس الأمن واحترام سيادة ليبيا ووحدة أراضيها.
وقال إننا نود التأكيد على أن استمرار هذا التواجد يشكل خطر حقيقي امام العملية السياسية الجارية حالياً، وجهود استمرار وقف اطلاق النار ، واستكمال توحيد المؤسسة العسكرية، كما أن سرعة إخراج هؤلاء المرتزقة والمقاتلين الأجانب هي أحد مخرجات اتفاق اللجنة العسكرية (5+5 ) لوقف اطلاق النار الموقع في شهر أكتوبر من السنة الماضية ، محييا بهذه المناسبة أعضاء هذه اللجنة على جهودهم ووطنيهم رغم كل التحديات .
وجدد " الدبيبة " حرص حكومته على استكمال تدابير بناء الثقة من خلال خطوات عملية وعلى راسها فتح الطريق الساحلي الرابط بين شرق وغرب البلاد وإطلاق سراح المحتجزين من الطرفين.
وقدم " الدبيبية " أمام جلسة مجلس الآمن اليوم ملخصا لموقف حكومة الوحدة الوطنية وجهودها نحو الاستقرار في المسارين الأمني والاقتصادي والذي تضمن التأكيد على أن استمرار تواجد القوات والمرتزقة الأجانب على الأراضي الليبية هو أمر مرفوض، وتشديد الحكومة على ضرورة انسحابها الفوري وبشكلٍ متزامن، وتذكير الدول ذات العلاقة بمسؤولياتها تجاه ما يقوم به مواطنيها خارج أراضيها، وضرورة العمل على سحبهم فوراً.
وطالب رئيس الحكومة المجتمع الدولي بدعم ليبيا لتوحيد المؤسسة العسكرية والأمنية ، والمساهمة في دعم استراتيجية أمنية شاملة ، يتم من خلالها تنفيذ برامج التسريح ونزع السلاح ، وإعادة الادماج وإصلاح القطاع الأمني، وتأمين الحدود ، وذلك لتعزيز الاستقرار ومنعاً لتهديد الأمن القومي بالأخص لدول الجوار، ودول الساحل الأفريقي، موضحا أن هذه الإجراءات من شأنها تمكين الدولة من السيطرة على كامل أراضيها وحدودها مع جيرانها، ومواجهة العدو الحقيقي لليبيا والمنطقة المتمثل في الإرهاب والتطرف بكل أشكاله والجرائم العابرة للحدود والاتجار بالبشر .
وتطرق " الدبيبة " في كلمته إلى أن حكومة الوحدة الوطنية التي تعمل على مواجهة الهجرة الغير شرعية ، تثمن كل المواقف التي تدرك بأن مسألة الهجرة لا تعالج في البحر المتوسط او سواحل ليبيا فقط ، بل ان الهجرة لابد من ان يتم معالجة اسبابها من المصدر، فهي قضية إنسانية عالمية ولا يمكن ان تكون مسؤولية دول بعينها فقط.
ولفت " الدبيبة " إلى حكومة الوحدة الوطنية تود تذكير مجلس الأمن بتعهده والتزامه بالحفاظ على أموال الشعب الليبي المتمثلة في الأصول الليبية المجمدة بموجب قرارات مجلس الأمن ذات العلاقة، وتعيد التأكيد على أن الإجراءات التي تقوم بها بعض الدول من خلال استغلالها لقرار رقم (1970 ) تشكل مصدرًا قلق كبير للحكومة الليبية ، ونرى أنها تتناقض مع مقاصد ذلك القرار ، وهو الأمر الذي يجعلنا نجزم بأن اتباع هذه الأفعال ، سيكون لها الدور الكبير في الإضرار بأموال الليبيين، التي تعهد مجلسكم بالمحافظة عليها .
وأضاف " الدبيبة " قائلا إننا نعيد التأكيد على مطالبنا السابقة التي ندعو فيها إلى ضرورة إحداث تعديلات على نظام العقوبات، بالصورة التي تمكن المؤسسات الليبية المعنية من إدارة هذه الأموال حتى وان كانت مجمدة ، مما سيسمح لها من ممارسة عملها على أكمل وجه دون أية عقبات ، منبها في هذا الصدد على ضرورة منع وقوع المزيد من الاضرار بقيمة هذه الأصول وخسارتها ، ومطالبته بتعاون المجلس بإجراء بعض التعديلات على الاستثناءات الواردة في قراره على مسألة الإعفاءات لكي يتسنى للحكومة توظيفها للأغراض الإنسانية ، وفق لقرارات مجلس الأمن ذات العلاقة .
وأكد " الدبيبية " حرص وعزم حكومة الوحدة الوطنية القيام بالإصلاحات الاقتصادية الضرورية لتحسين الخدمات للمواطنين وتوفير سبل العيش الكريم ، داعيا الدول المعنية بالوضع في ليبيا بالعمل على تهيئة المناخ للعمل الجماعي المنتج، وإيقاف المحاولات الداخلية الممنهجة لإضعاف قدرة الحكومة على مواجهة التحديات الاقتصادية التي يدفع ثمنها للأسف المواطن الليبي ، وتضر أيضا بمصالح الدول التي لديها استثمارات في ليبيا.
وأكد رئيس الحكومة على أن إنجاح العملية السياسية في ليبيا والخروج بها من أزمتها يتطلب إرساء مبدأ المصالحة الوطنية الشاملة ، داعيا المجتمع الدولي ، وخاصة الاتحاد الأفريقي وبالتنسيق مع الأمم المتحدة إلى دعم جهود المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية لإطلاق مسار المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية الذي من شأنه أن يعمل على إعادة بناء الثقة ودعم الاستقرار في البلاد.
وطالب " الدبيبة " في كلمته مجلس الأمن الدولي بتنفيذ قراراته المتوالية بالتصدي للمعرقلين المحليين والدوليين الذين لازالوا يهددون بالحروب والحلول العسكرية، ويعملون وبكل ما أوتوا من قوة من أجل حرمان الشعب الليبي من التعبير عن إرادته.
وأختتم رئيس حكومة الوحدة الوطنية " عبد الحميد الدبيبة " كلمته بتجديد التزام الحكومة للشعب الليبي وللعالم بأن خيار الدخول في حروب جديدة بين الليبيين أصبح من الماضي وستعمل هذه الحكومة بكل ما أوتيت من جهد / وبالتعاون مع كل الليبيين في العمل على الابتعاد عن الخلافات والحروب ، والبدء في بناء ليبيا الحديثة المستقرة الواحدة الموحدة.