إن تعقيد الهيدروجين -العنصر الأول في الجدول الدوري- يواصل إدهاش العلماء، ويضاف إلى ذلك إمكانية تحول هذا العنصر إلى معدن، ومثل كل المعادن فإنه سيكون موصلا قيما للطاقة، وربما أكثرها كفاءة على الإطلاق. يتواجد الهيدروجين في طبيعته بحالة غازية في درجة حرارة الغرفة وتحت الضغط الجوي، لكنه يصبح صلبا إذا تعرض لضغط شديد أو درجات حرارة منخفضة، كما قد يتحول إلى سائل إذا أضيفت الحرارة إلى الضغط، لكن الذي أثار دهشة العلماء هو قدرته المحتملة -نظريا- على التحول إلى معدن إذا فرضت عليه ظروف أكثر تطرفا من المذكورة سابقا. وتحويل الهيدروجين إلى معدن ليس بالعملية السهلة التي يأملها العلماء، ويتواجد حاليا فريقان يستخدمان أساليب متباينة في مختبرات متخصصة للغاية، وهذان الفريقان إما يستخدمان نبضات كهربائية قوية جدا أو يقذفان الهيدروجين بالليزر، أو أنهما يستخدمان ألماسا شديد التحمل لضغط الهيدروجين. ورغم أن الطرفين يتسابقان لتحويل الهيدروجين السائل أو الصلب إلى صورة معدنية فإن لكل منهما أهدافا مختلفة. فأحد الفريقين يسعى لتحويل الهيدروجين المعدني الصلب إلى موصل فائق للكهرباء، وقد كانت الاختبارات التي جرت في يناير/كانون الثاني الماضي واعدة بهذا الخصوص. ووفقا للفيزيائي رئيس وحدة الهيدروجين المعدني في جامعة هارفارد إسحاق سيلفيرا فإن مثل هذا الإنجاز سيكون ثوريا. فإذا أمكن إنتاج هيدروجين معدني قادر على الاحتفاظ بصورته المعدنية بعد تعرضه لضغط شديد، فإنه سيحمل عندئذ صفات الموصل الفائق الذي يعمل في درجة حرارة الغرفة، والموصل الفائق هو الذي لا يفقد أي إلكترون عند نقل الطاقة، وذو كفاءة وقوة ويملك استخدامات لا تحصى يمكن أن تؤثر على حياة الإنسان العادي. أما الفريق الآخر فيتطلع إلى ما هو أبعد من ذلك حيث يضع الفضاء نصب عينيه. وقد أظهرت تجاربهم أكثر الأدلة إقناعا حتى الآن بالسلوك المعدني للهيدروجين، لكنه كان بشكل هيدروجين معدني سائل. وبإمكان الهيدروجين المعدني السائل الإجابة على كثير من الأسئلة المحيرة حول الكواكب الغازية العملاقة والتي تمتلئ بالهيدروجين. فعلى سبيل المثال فإن المجال المغناطيسي لكوكب المشتري قد يكون نتيجة وجود هيدروجين معدني سائل، كما قد يفسر ذلك أيضا لماذا زحل مشرق بشكل غير متوقع، الأمر الذي قد يكون نتيجة تفاعلات الهيدروجين مع الهيليوم داخل الكوكب.