رغم ارتفاع أسعار النفط اليومين الأخيرين بعد تصريحات وزير البترول السعودي عن احتمال مناقشة المنتجين خططا لضبط السوق، إلا أن المحللين لا يتوقعون تغيرات ضخمة في الأسعار في الأشهر المتبقية من العام لأن أساسيات السوق لم تتغير كثيرا.
ومع ارتفاع الأسعار لتصل بنهاية الأسبوع إلى حاجز 45 دولارا للبرميل، بعدما هبطت عند حاجز 40 دولار وربما دونه قليلا مؤخرا، لا تتوقع زيادة تتجاوز ما وصلت إليه في يونيو الماضي عندما تجاوزت حاجز الخمسين دولارا لتدور حول حاجز 55 دولارا للبرميل.
فأغلب التوقعات الصادرة عن وكالة الطاقة الدولية ووحدة أبحاث أوبك وغيرها من مؤسسات إحصاءات سوق النفط تشير إلى أن السحب الحالي من المخزونات التجارية سيتم تعويضه سريعا لتعود حاويات التخزين للامتلاء.
ومع أن السعودية، أكبر منتج ومصدر للنفط، رفعت إنتاجها الشهر الماضي إلا أن أغلب الزيادة في الإنتاج تم استهلاكها محليا لإنتاج الكهرباء في صيف شديد الحرارة ما يعني أنها لم تضف للمعروض العالمي من الخام.
حتى زيادة العراق لإنتاجه لتعويض حاجته للدخل من بيع النفط لم تؤثر كثيرا في المعروض بسبب وصول إنتاج النفط العراقي إلى حده الأقصى وعدم وجود طاقة إنتاج احتياطية هناك.
كذلك لم تتمكن إيران من ضخ مزيد من النفط في السوق كما اعتادت الإعلان في الأشهر الأخيرة بعد الاتفاق النووي مع الغرب ورفع العقوبات، لأن قطاع النفط الإيراني لم يشهد بعد أي تطوير كما كان مخططا له.
وهكذا تعود أسعار النفط لتتحدد استنادا إلى أساسيات السوق من عرض وطلب، وما لم تحدث أي تغيرات مفاجئة في ميزان العرض والطلب لن تشهد الأشهر المقبلة تغييرات كبيرة في الأسعار عن هامش 40 إلى 50 دولارا للبرميل برأي كثير من المحللين.
ولا تنتظر الأسواق الكثير من الاجتماع غير الرسمي للمنتجين من أوبك وخارجها في الجزائر نهاية الشهر القادم بشأن ضبط معدلات الإنتاج والتصدير.
وسبق أن عقد المنتجون من أوبك وخارجها اجتماعات مشابهة انتهت بتصريحات دون اتفاق حول أهمية استقرار السوق وربما الحاجة لتجميد الإنتاج عند مستوياته الحالية.
ويكاد خبراء سوق النفط يجمعون على أن الحديث عن تجميد مستويات الإنتاج مجرد "تحصيل حاصل"، إذ أن طاقة الإنتاج الاحتياطية لدى كبار المنتجين والمصدرين مستنفدة تقريبا.
يبقى العامل النفسي السلبي الذي ربما يؤثر في السوق هو استمرار طهران في الحديث عن زيادة إنتاجها ما يؤدي إلى الضغط على الأسعار نزولا لتوقعات زيادة العرض عن الطلب.
لكن تلك التصريحات الإيرانية حتى الآن لم تترجم إلى ضخ هائل للخام بسبب مشاكل قطاع الطاقة وتردد المستثمرين والشركات الأجنبية عن الدخول فيه لتطويره خشية فرض عقوبات عليها مع وجود شركات تابعة للحرس الثوري الإيراني (المصنف أميركيا منظمة إرهابية) تهيمن على مشروعات قطاع الطاقة.