إذا كان تمساح واحد كفيلاً بأن يكون سبباً وجيهاً للابتعاد عن الماء، فما بالك بأن تغوص بقدميك في بحيرة بها سبعة أنواع من التماسيح منها وحوش يصل طولها إلى ثمانية أمتار تعيش جنباً إلى جنب وتفترس أي كائن تدب فيه الحياة؟، وقال الباحثون، الثلاثاء الماضي ، إن تلك كانت طبيعة الحياة في حوض نهر الأمازون في بيرو الزاخر بالحياة قبل 13 مليون سنة إذ كانت تجمع بين مختلف أنواع التماسيح في تاريخ كوكب الأرض في نفس المكان والزمان، واكتشف الباحثون حفريات لتلك التماسيح في موقعين صغيرين بقاع النهر قرب مدينة إيكويتوس بشمال شرق بيرو، ونشرت نتائح البحث في الدورية العلمية لتقارير الجمعية الملكية، ومن أغرب هذه التماسيح نوع اسمه العلمي “ناتوسوشوس بيباسينسيس” طوله 1.6 متر مولع بالتغذي على المحار “الجندوفلي” وذو خرطوم شبيه بالجاروف يتيح له دفن رأسه في قيعان المستنقعات الموحلة لاقتناص فرائسه فيما تتناسب أسنانه البصلية الشكل مع وظيفة سحق أصداف الرخويات، وقال جون فلين عالم الأحياء القديمة بالمتحف الأمريكي للتاريخ الطبيعي في نيويورك: “هذا التشريح ونمط الحياة المتخصصان للغاية لم يكونا معروفين في أي تمساح آخر”، وتساعد مثل هذه الاكتشافات العلماء في توفير فهم أفضل لمنشأ التنوع الحيوي الحديث في حوض نهر الأمازون وتعدد صور الحياة القديمة قبل تكون نهر الأمازون منذ 10.5 مليون سنة، ومنذ 13 مليون سنة، كانت هذه المنطقة عامرة بأعداد هائلة من المستنقعات والبحيرات والأنهار، وقال رودولفو سالاس جيسموندي عالم الفقاريات والأحياء القديمة بمتحف التاريخ الطبيعي في ليما والذي يتعاون أيضاً مع جامعة مونبلييه الفرنسية: “بالنسبة إلى الأمازون فإننا لم نرى سوى القشور لتاريخ في غاية التعقيد والإبهار”، وأوضح العلماء أن بوسع سبعة أنواع من التماسيح التعايش سوياً لأنها تحظى ببيئة تزخر بمختلف أنواع الغذاء ولم تكن جميع هذه الكائنات تطارد نفس الفريسة، وقال فلين: “هذه المنظومة الضخمة من المستنقعات والمسطحات المائية تغص عادة بمجتمعات خصبة من أنواع الفرائس المائية ومع مرور الزمن تطورت التماسيح لتظهر تشكيلة مذهلة من اشكال الجماجم والتحورات الغذائية واحجام الجسم”، ونظراً لقوة أسنان وفكوك تمساح “بوروسوروس نيفينسيز”، فقد أصبح الملك المتوج للمنطقة وبلغ طول هذه الأنواع فيما بعد 13 متراً، أما تمساح “موراسوتشوس اتوباس” وطوله 13 متراً أيضاً فكان نوع عجيب قريب من الحيتان وأسماك القرش وكان يتغذى بالاستعانة بصفوف من الأسنان الصغيرة التي يستخدمها لتصفية كميات كبيرة من الفرائس قبل التهامها، وكانت هناك أيضاً أنواع أخرى من التماسيح الأمريكية التي تتغذى على المحار ومنها ما يشبه التماسيح الموجودة الآن في الهند التي تتغذى على الأسماك.