استبشرت شرائح واسعة من الليبيين بالحوار الذي ترعاه الأمم المتحدة لمحاولة جمع الفرقاء الليبيين حول مائدة مستديرة لوضع حد للاقتتال والفرقة وحشد الجهود كافة لبناء ليبيا الجديدة ، دولة المؤسسات والقانون ، وفقا لمبادئ ثورة 17 فبراير ، التي وقف فيها الليبيون جميعا صفا واحدا لتفكيك النظام الدكتاتوري الشمولي الذي جثم على صدور الليبيين أربعة عقود ونيف خانقا الحريات الأساسية كافة .
ويرى الكثير من المواطنين ، أن حوار جنيف يعد فرصة سانحة لليبيين ، لجمع أبرز الفاعلين للتوصل لحل سلمي للأزمة يقوم على الحوار لرأب الصدع ، وتجميع المتخاصمين على كلمة سواء .
غير أن البعض من الذين استطلعت وكالة الأنباء الليبية آراءهم ، أبدوا نوعًا من الشك حول نجاح هذا الحوار لعدة أسباب ، منها انعقاده خارج ليبيا ، واستمرار تدخل الأيادي الخارجية في الشأن الداخلي الليبي لخدمة أهدافها على حساب دماء الليبيين.
ويرى الكثير من المراقبين للشأن الليبي ، أن نقل جلسات الحوار إلى الداخل الليبي من الممكن أن يؤسس لأرضية تجمع كل الفاعلين في المشهد الليبي للتوصل لحل سلمي للأزمة واستعادة الثقة ورأب الصدع .
وقال "أبو القاسم أبوهديمة" ، أستاذ مشارك بالأكاديمية الليبية : ( إنه متفائل بأي حوار يجمع الليبيين ، غير أنه أبدى نوعا من التحفظ بشأن نجاح حوار جنيف لاعتقاده بأن كل طرف من أطراف الأزمة الليبية لا يزال يعتقد في الحسم العسكري لصالحه ) .
وأعرب ( ف. ع ) ، موظف عن ثقته في نجاح الحوار ، خاصة وأن المجتمع الدولي أصبح ، بحسب قوله ، أكثر إصرارًا على إيجاد حل سلمي للأزمة الليبية يحقق استقرار البلاد ووقف دائرة العنف خوفا من أن تصبح ليبيا ملاذًا للإرهابيين.
بينما أبدى ( م. م ) ، موظف بإحدى الوزارات ، رأيه حول الحوار بقوله : إن الحوار يجب أن يكون ليبيا - ليبيا ، دون أي تدخل خارجي. واعربت من جانبها ( ع .أ ) معلمة ، عن شعورها بنوع من التفاؤل ، بما يمكن أن تتمخض عنه هذه المباحثات من نتائج تصب للصالح العام . بينما يرى ( خالد أحمد ) ، كاتب صحافي ، بأن حوار جنيف لا يمكن أن يأتي بالنتيجة المرجوة منه ، إلا إذا انتقل مكان عقد الجلسات إلى الداخل الليبي. ويأمل معظم الليبيين ، أن يتمكن الحوار من الوصول بالبلاد لبر الأمان ، ووقف الاقتتال بين أبناء البلد الواحد ، وتحقيق التنمية ، وبناء مؤسسات الدولة الحديثة ومحاربة التهميش والاقصاء والتخوين القائم على الجهوية والمناطقية والمحاصصة.
ووصف بيان بعثة الأمم المتحدة ، الوضع في ليبيا ، بأنه يمر بمرحلة حرجة ، داعيا جميع المتخاصمين للتعامل مع هذا الحوار بشجاعة وإصرار، وأن يضعوا المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار ، مشيراً إلى أن هذا الحوار يعد فرصة مهمة يجب عدم تفويتها لتمكين الليبيين من استعادة الاستقرار ومنع البلاد من الانزلاق نحو المزيد من النزاع والانهيار الاقتصادي .
يذكر أن الأمم المتحدة ، استضافت أولى جولات الحوار الوطني بالمقر الأممي بجنيف منتصف شهر يناير ، تبعتها جولة ثانية بمشاركة ممثلين من طرفي النزاع ، في ظل غياب تام للممثلين عن المؤتمر الوطني العام ، الذي كان قد أعلن في وقت سابق عن عدم اعترافه بنتائج هذا الاجتماع ، وجاءت هذه المباحثات استكمالا للجولة الأولى التي عقدت بمدينة غدامس غربي ليبيا في سبتمبر الماضي.
ويشكل موقف المؤتمر الوطني ، أهمية كبرى بالنسبة لجهود مبعوث الأمم المتحدة لدى ليبيا " برناردينو ليون " ، حيث أعلن المؤتمر على لسان المتحدث الرسمي باسمه "عمر حميدان" ، موافقته على عقد الجولة المقبلة من الحوار قريباً في ليبيا ، بعد أن وافق أطراف النزاع على حضور المباحثات لرأب الصدع بين المتخاصمين ، ونبذ العنف وتوحيد الجهود لبناء ليبيا .
المصدر وكالة الأنباء الليبية