حذّر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي من أن العجز عن توليد فرص عمل بالسرعة المطلوبة ما زال يهدد بتأجيج التوتر الاقتصادي والاجتماعي في المنطقة العربية بعدما كان أحد أسباب اندلاع انتفاضات الربيع العربي خلال العامين الماضيين.
وحذّر تقرير التنمية البشرية لعام 2013 الذي يصدره البرنامج في نيويورك من أن «انتهاج سياسات تقشفية خاطئة وانعدام المساواة وضعف المشاركة السياسية» تمثل 3 عوامل «من شأنها أن تقوض التقدم وتؤجج الاضطرابات ما لم تسارع الحكومات إلى اتخاذ إجراءات عاجلة».
وأشار التقرير إلى أن المنطقة العربية تضم دولتين في مجموعة التنمية البشرية المرتفعة جداً هما قطر والإمارات و8 دول في مجموعة التنمية البشرية المرتفعة هي البحرين والكويت والسعودية وليبيا ولبنان وعمان والجزائر وتونس و6 دول في مجموعة التنمية البشرية المتوسطة هي الأردن وفلسطين ومصر وسوريا والمغرب والعراق و3 دول في مجموعة التنمية البشرية المنخفضة هي اليمن وجيبوتي والسودان.
وأكد التقرير أن «الاضطرابات التي تشهدها جلّ الدول العربية إنما هي تذكير بأن المواطنين ولا سيما الشباب الذين يتمتعون بمستوى علمي ووضع صحي أفضل من الأجيال الماضية يضعون على رأس أولوياتهم الحصول على العمل اللائق والتمكن من إسماع أصواتهم في الشؤون التي تؤثر على حياتهم وضمان الاحترام في التعامل معهم».
وأشار إلى أن معدل بطالة الشباب في المنطقة العربية يبلغ أعلى مستوى له في مصر حيث يصل إلى 1،54 في المئة تليها فلسطين بمعدل 6،49 في المئة.
وأكدت (هيلين كلارك ) مديرة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أن النمو الاقتصادي وحده لا يكفي لتحقيق التقدم في التنمية البشرية. وأضافت ( كلارك ) أن «السياسات المناصرة للفقراء والاستثمار في القدرات البشرية بالتركيز على التعليم والتغذية والصحة ومهارات العمل جميعها توسع فرص الحصول على العمل اللائق وتعزز التقدم المستدام».
وقالت سيما بحّوث مديرة المكتب الإقليمي للدول العربية في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إن «الدول العربية تسجّل أعلى معدل للبطالة وأدنى معدل للمشاركة في القوى العاملة ولا سيما مشاركة النساء».
وأضافت أن «المقياس الحقيقي للإنجازات الإنمائية في نظر جلّ العرب اليوم هو عدد فرص العمل اللائق المتوفّرة للسكان ليكونوا منتجين وليشعروا بالأمان الاقتصادي».
وقال التقرير الذي حمل عنوان «نهضة الجنوب: تقدم بشري في عالم متنوع» إن تسع دول عربية حلّت بين البلدان العشرين التي سجلت أعلى متوسط لعدد سنوات الدراسة للفرد في الفترة من 1980 إلى 2010، مضيفاً أن «باستطاعة الدول العربية أن تجني عائداً كبيراً من فرصة التحول السكاني إذا ما حوّلت التقدم الذي أحرزته في مجال التعليم إلى فرص عمل للشباب».
وقال التقرير إن دور الجنوب يتصاعد كأرض خصبة للابتكارات التقنية والمشاريع الخلاّقة جنباً إلى جنب مع الشمال وإن الدول العربية لها نصيب في هذا التحول.
وأشار إلى أن «الزيادة الضخمة في خدمات الاتصال عبْر الهاتف في إفريقيا هي في معظمها نتيجة لنشاط شركات من الإمارات العربية المتحدة وجنوب إفريقيا والهند».
وأوضح أن التفاعل بين بلدان الجنوب أتاح للشركات تكييف وابتكار منتجات وتقنيات تفي بحاجات السوق المحلية مما أدى إلى تضاؤل متسارع للفجوة الرقمية وإلى ظهور طبقة وسطى في الجنوب تحدّد التوقعات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
وتوقع التقرير أن يبلغ الاستهلاك السنوي في الأسواق الناشئة حوالى 30 تريليون دولار بحلول عام 2025. ومن بين مليار أسرة سيتجاوز دخلها 20 ألف دولار في السنة ستبلغ حصة الجنوب ثلاثة أخماس. وأضاف أن هذه الأسر ستكون الطبقة المتوسطة الجديدة في العالم.
من ناحية أخرى أشار التقرير إلى أن المنطقة العربية تعاني من تفاوتات شاسعة بين الدول الغنية والفقيرة وداخل الدول ذاتها. وقال إن الفوارق بين الجنسين كبيرة أيضاً في الدول العربية ويأتي اليمن في أدنى مرتبة في دليل عدم المساواة بين الجنسين.
وأكد التقرير أهمية الدور الذي تؤديه الدول العربية في عملية التنمية على مستوى العالم. وأضاف أنه «بلغت مساهمة الدول العربية في المساعدات الإنمائية ستة مليارات دولار في عام 2008. وكانت المصارف والصناديق في الدول العربية من مصادر التمويل الرئيسة لمشاريع البنى التحتية في إفريقيا جنوب الصحراء بين عامي 2001 و2008. ويخصص صندوق النقد العربي مبلغاً قدره 7،2 مليار دولار لدعم البلدان الأعضاء في حالات الطوارئ ولدفع عملية التعاون النقدي».