من ضمن مهام وزارة السياحة الليبية أستكمال المرحلة الأولى التمهيدية لأعمال التخريط بمدينة الكفرة ونقلا على التقرير الدي نشر على موقع وزارة السياحة لشبكة المعلومات الدولية فقد أنهى فريق إدارة التنمية السياحية بوزارة السياحة، منتصف فبراير الماضي، زيارته الميدانية لمدينة الكفرة أقصى جنوب شرق ليبيا، بغية دراسة القيم الطبيعية والثقافية التي تشكل مقومات لقيام أنشطة سياحية بالمدينة والقرى والبلدات المحيطة بها، تمهيداً للبدء في عملية تخريط المنطقة.

وقام الفريق المتكون من المهندس علي رمضان الدوكالي، والمهندس الهادي الفيتورى دندي، رفقة منسق قطاع السياحة بالمجلس المحلي لمدينة الكفرة، بزيارة عدد من المواقع السياحية المحيطة بالمنطقة، لإخضاعها للدراسات الميدانية، تمهيداً لاعداد نشرة تفصيلية عن المواقع السياحية (الأثرية والتاريخية والطبيعية)، بهدف التعريف بها وصونها، وتهيئتها لإجراء عمليات التخريط وتحديد المناطق المستهدفة بالاستثمار السياحي.

وأوضح المهندس علي الدوكالي من إدارة التنمية السياحية، أن المدينة البالغ عدد سكانها نحو 60 ألف نسمة، تفتقر إلى البنية التحتية بجميع أنواعها، جنباً إلى جنب مع عدم توفر مقار للايواء السياحي و الإقامة بشتى أنواعها، وكذلك عدم وجود أية شركات للخدمات السياحية بمختلف تخصصاتها، وغياب مراكز خدمات الإنترنت، فضلاً عن ضعف امكانيات مطار المدينة، موصياً بضرورة اخضاعه ومرافقه لأعمال الصيانة والتطوير ليتلائم مع معايير استقبال الأفواج السياحية، وتقديم الخدمات بمستوى أفضل للمسافرين.

كما أكد الدوكالي على أن الكفرة التي تستضيف حزمة من المقومات السياحية (الطبيعية والثقافية)، يجعل من المنطقة شديدة التنوع في المنتوج السياحي، المتوقع أن يحقق عوائد اقتصادية مجزية إذا ماتم استثماره، وإعطاء الأهمية اللازمة لمدينة وماتختزله من مواقع سياحية، بمافي ذلك سلسلة الجبال والتكوينات الصخرية ومواقع النيازك والزجاج الرملي، المنتشرة بالفضاءات الصحراوية المتصلة بالمدينة، موضحاً أن تلك المعالم يمكن توظيفها في بعث برامج سياحية، في مجال السياحة الصحراوية، جنباً إلى جنب مع النقوش والرسوم الصخرية والمقابر المنتمية إلى حضارات ماقبل التاريخ، والغابات المتحجرة، التي تشكل مجتمعة نواة لقيام أنشطة أنماط متعددة ومتنوعة، ويمكن استغلالها في الرحلات الصحراوية، والسفاري وتنظيم الراليات، وأنماط السياحة العلمية والبيئية.

من جانبه قال المهندس الهادي الفيتورى دندي، إن منطقة الكفرة المترامية الأطراف والمتربعة على مساحة شاسعة من الأراضي، تزخر بالمقومات الأولية التي تؤشر إلى نجاح مجال السياحة التاريخية والتراثية، لاسيما وأن المنطقة تستضيف عدد من مواقع معارك الجهاد الليبي ضد الغزو الإيطالي، والميادين التي شهدت معارك الحرب العالمية الثانية، وماتزال مخلفاتها ماثلة إلى يومنا في مجموعة من الطائرات الحربية الألمانية والفرنسية، والمعدات العسكرية المنتشرة على مساحات شاسعة من الأراضي الواقعة بمحيط المنطقة، إلى جانب الأحياء والمدن القديمة التي يتنفس التاريخ في كل ركن من أركانها، والمساجد والأضرحة التاريخية إحدى أهم عناصر استقطاب هواة السياحة الثقافية والتراثية التي تشهد نمواً متزايداً في أعداد السياحفي دول العالم المهتمة بهذا النمط السياحي.

كما تحتضن الكفرة عدد كبير البحيرات الكبريتية، و الفوارات الباردة والساخنة، والكثبان الرملية التي يمكن استثمارها في تنشيط برامج السياحة العلاجية .

وأضاف دندي "ستشكل مدينة الكفرة مستقبلاً أحدى أهم مناطق الجذب السياحي والمقاصد التي سيتدفق إليها السياح بشكل كبير، وستشهد اهتماماً متزايداً من قبل شرائح السياح المهتمين بالسياحة الثقافية والبيئية، وهواة المغامرة وغيرها، وسيؤدي ذلك حتماً إلى طفرة اقتصادية مميزة، فيما لو أحسن استغلال مقوماتها، الإستغلال الإقتصادي الأمثل".

كما اطلع الفريق أثناء زيارته إلى جبل العوينات، الواقع على مسافة 360 كيلومتر جنوب الكفرة، عند نقطة إلتقاء الحدود الليبية مع كل من حدود مصر والسودان، على عيون المياه المنتشرة بالسسلة الجبلية، لاسيما عين أزوية، وهي جنباً إلى جنب مع عيون الغزالة ( عين كازيط – أو عين دوة)، من أهم مصادر المياه العذبة والصالحة للشرب في المنطقة.

ويمثل جبل العوينات النسخة الشرقية المتطابقة في القيم الثقافية المتمثلة في أعمال الفن الصخري، والخصائص الطبيعية، مع مرتفعات جبل أكاكوس، المصنف على لائحة اليونسكو للتراث الانساني العالمي، كما تحفل قمم ووديان العوينات، بعدد كبير من الأعمال الفنية المنتمية إلى حضارات ماقبل التاريخ، بأزمانها الضاربة في عمق تاريخ يمتد زهاء 6 آلاف سنة تقريباً.

وفي تعليقه عن زيارة جبل أركنو الواقع على الطريق الترابي الرابط بين الكفرة والعوينات، قال الدوكالي : ( تعتبر الهضبة امتداداً لعرق الإدريسي، وهي عبارة عن كتلة مرتفعة يصل ارتفاع أعلى قمة فيها إلى 1435 متر فوق سطح البحر، وتنتشر عند أقدام الجبل المفتتات الصخرية التي تكونت بفعل عمليات التجوية الميكانيكية كالتمديد الحراري والتقشر الكتلي والحبيبي والتعرية المائية وفي أعلى الجبل يظهر تأثير عوامل التجوية والتعرية أكثر وضوحاً، وجبل أركنو غني بوجود المغارات الطبيعية التي استخدمها الإنسان القديم في السكن وقد تكونت أثناء عمليات النشاط البركاني التي سادت شمال أفريقيا، وتزين موقع جبل أركنو النقوش والرسومات الضخرية مثل الحيوانات الآتية (الأبقار – الزرافة – النعامة – البقر الوحشي (أداكس)، وعمر الرسومات يتراوح بين 4 و6 آلاف سنة.

ووصف الفريق المتخصص في تخريط المواقع وتهيئتها للإستثمار السياحي، منطقة جبـل عبد المالك، بأنها من أهم وأكثر المعالم السياحية الطبيعية لفتاً للانتباه، وموطناً للنباتات البرية، وملجأ للطيور الجارحة، وكذلك الثدييات، مثل الفنك والثعالب وغيرها، كما شد مايستضيفه جبل عزبة (التماثيل) من صخور ضخمة، وأعمال فنية تنتمي إلى حضارة ماقبل التاريخ، انتباه الفريق الذي أوصى بضرورة الاهتمام وحماية وصون هذه المعالم الفريدة التي لاتقدر بثمن.